
ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما مزيدا، ثم اما بعد، لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسل الجيوش للقتال، ويأمرهم أن يتبينوا من حال الأعداء، فإذا سمعوهم يؤذنون تركوهم، وإن وجدوهم قد تركوا الصلاة قاتلوهم، ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما “آخر ما تفقدون من دينكم الصلاة، وأي شيء ذهب آخره لم يبق منه شيء” فإذا تقرر هذا فاعلموا رحمكم الله أن الصلاة في الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة، وقد كان صلى الله عليه وسلم يتفقد الناس في الصلاة فإذا سلم قال أين فلان؟ وأين فلان؟ وقد قال ذات يوم “لا يزال أناس يتأخرون حتى يؤخرهم الله”
وقد تفقدهم ذات يوم فقام مغضبا، وقال ” لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أذهب إلى أناس لا يشهدون الجماعة فأحرّق عليهم بيوتهم” ولولا الأطفال والنساء لفعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالله تبارك وتعالى هو الذي شرع الصلاة وشرع الجماعة، ومن شذَّ شذَّ فـي النار، وهذه رسالة تعزية ومواساة أبعثها لكل من يتصدق في سبيل الله ولكل من يصوم ويجوع ولكل بار بوالديه ولكل رحيم بالمساكين ولكل من يحسن إلى الجار ولكل من يفعل الخير، ويعين المسلمين على نوائب الدهر وهو تارك للصلاة، أقدم له أحر التعازي في ضياع تلك الأعمال وذهابها سرابا بقيعة فلا تنفعه أعمال الخير كلها ما كان مضيعا للصلاة مفرطا فيها، فإن سألت عن مصيرها في الدنيا فيجيبك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ” إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة،
يعطي بها في الدنيا ويجزي بها في الآخرة، حتي إذا أفضي إلي الآخرة لم يكن له حسنة يجزي بها ” رواه مسلم، فيا تارك الصلاة هذا هو مصير أعمالك في الدنيا وأما في الآخرة فيجيبك ربك سبحانه وتعالى بقوله ” وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ” وقال ربك جلا وعلا ” وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ” وإني على ثقة تامة من أن رسالة العزاء والمواساة لن تجدي فيهم شيئا، ولن تغير في وضعهم أبدا، فكيف يواسون وهم في النار سيسجرون وفي العذاب يتقلون، كيف تجدي رسالة تعزية لمن علم من حاله أنه حطب جهنم وحصب لها، فيا تاركا للصلاة أين أنت عن جموع المصلين من المسلمين وأين جبهتك من جباه الراكعين الساجدين وأين قلبك من قلوب الخائفين من ربهم والوجلين، أما تستحي أن يطيع الله حيوان وجماد لا عقل له.
وتعصيه أنت بما كرمك الله من العقل، أتسجد الحجارة والشجر والدواب لله تعالى، وترفض ذلك أنت، قال تعالى ” ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس ” ألم يأن لقلبك أن يخشع لذكر الله وما نزل من الحق، أما آن لنفسك أن تتذكر نعمت ربها عليها، أما علمت أن الله خلقك لتعبده، لا لتعصيه وتخالف أمره ” ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا وله عذاب مهين ” هذا وصلوا وسلموا على النذير البشير والسراج المنير نبينا محمد بن عبد الله، فقد أمركم الله بذلك في محكم التنزيل فقال جل شأنه ” إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ” اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنّا معهم بمنك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.