
كانت الأمطار غزيرة، تخفي معالم الطريق ، الأضواء خافتة مرتعشة ، وأصوات الرعد تزعج القلوب وتخيفها.
في تلك اللحظة كان “عمر” يقود سيارته عائدًا من العمل متعبًا، عينيه تلتقطان أضواء الشوارع الخافتة، وذهنه مشوش وقلبه يرتجف ويبدو أن أعصابه قد بدأت أن تنهار ، فجأة، ظهر أمامه رجل يعبر الطريق دون انتباه، كان يخرج من إحدى المتاجر الغذائية ، وفى لحظة فارقة صدمت السيارة الرجل بقوة، ليسقط على الأرض بلا حراك.
خرج عمر من سيارته مرتجفًا، اقترب من الرجل ليرى الدماء تسيل من رأسه، ونبضه بالكاد محسوس. لم يمضِ الكثير من الوقت حتى وصلت الشرطة والإسعاف، لكن الأوان كان قد فات. قبض عليه الضابط بتهمة القتل الخطأ، ونُقل إلى القسم للتحقيق،
ثم أُحيل إلى النيابة في انتظار تقرير الحادث.
في اليوم التالي، جاء صديقه المقرب “أيمن” ليزوره. وقف معه خارج غرفة الاستجواب، وهو ينظر إلى القيود الحديدية التى التفت حول معصم صديقه وعيناه تحمل خليطًا من الحزن والصدمة.
قال أيمن بصوت منخفض: ” لماذا فعلت ذلك؟”
نظر إليه عمر بعينين دامعتين وسأله: “ماذا تعني؟” أخرج أيمن هاتفه، وأراه صورة للرجل الذي توفي، ثم أكمل بصوت متهدج: “هذا الرجل كان سائقًا… قبل عامين، كان يقود سيارته بسرعة، ودهس امرأة كانت تعبر الطريق. المرأة كانت… زوجتك، ليلى.”. تسمر عمر في مكانه، ونظر طويلا إلى صديقه وقال:
” لم أكن أعرف ، يبدو أنه القدر ، قدرى أن أدهسه، وقدره أن يموت أسفل سيارتي”
تنهد أيمن وقال بأسى : ” هذا مؤلم. إنه انتقام وليس عدلا ، الرجل لم يكن يقصد دهس زوجتك ، وأنا على يقين بأنك تعلم من هو وليس كما تدعي”
ابتسم عمر ابتسامة باهتة، وقال بهدوء: “أخذ مني روحي، فأخذت منه حياته.”
أيمن : الرجل له عائلة.
عمر: وهى كانت عائلتي. وقد سلبها مني.
قاطعهما صوت العسكري المرافق لعمر وهو يقول في حدة:
” هيا ، لقد نادوا عليك”
تحرك عمر مع مرافقه ، وقبل أن يدخل الغرفة التفت إلى صديقه وقال :
” سأعود إليك ، إنه مجرد قتل خطأ”, ثم دلف للغرفة في هدوء المنتصر!…