مقال

الهمجي والحليم:

جريدة الأضواء المصرية

الهمجي والحليم:
بين حلم وغضب يتمالك صاحب النفس العميق ، إذ بتيار الحياة يدفع المرء حينا بين حلم وغضب ، لكن الأقدار هي من تقرر عمق الحلم والغضب لديه، إذ بتيار الهمجي يدفع بتيار الحليم للخروج عن صبره وحلمه، وتتآنى دقات الحلم والصبر وتتمالك الأعصاب حتى لا تفلت فينقلب إلى غضب، وكما يقولون اتقي شر الحليم إذا غضب، والحقيقة أن النفس البشرية دائما وأبدا لابد وأن تتنفس مرارة الصبر ، فالطاقة لابد لها من يوما وتنفد، والكتمان الداخلي للشعور دائما قد يصيب القلب بالانفطار والحزن الشديد، لذلك دائما ما تجد صاحب الحلم والصبر قد يغضب، وهذا أمر طبيعي لدى الغالبية العظمى من البشرية، فنحن لسنا برسل أو أنبياء.
فكان من صفات الرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حليما عند الغضب، فإذا غضب لا يغضب لنفسه قط، وإنما كان يغضب حينما تنتهك حرمات الله، فتقول عنه السيدة عائشة رضي الله عنها: ” والله ما انتقم لنفسه فى شيء يؤتى إليه قط حتى تنتهك حرمات الله عز وجل، فينتقم لله عز وجل”، ولم يدع صلى الله عليه وسلم على قومه قط، بل حتى حين هاجموه في غزوة أحد كان حليمًا، فلما قيل له ادع عليهم يا رسول الله قال: اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب).
فلا لوم على الحليم المتميز بصفات الصبر إذا غضب، فنحن بشر ويجب علينا التماس العذر لبعضنا، ولا ننسى أن به شئ جميل تحلى به يوما ما بيننا ولا زال يستمتع بتلك الصفة، لذلك مقياس الأمور للبشرية لا تقاس بمكيال واحد بل بتكرار التصرف، علينا أن لا ننكر جميلا طال وبات سمة من سمات الشخصية بمجرد تصرف أخرجها عن المألوف، الله أسال ان يبارك حياتكم ويجعل الحلم والصبر صفاتكم.

كامل تحياتي بقلم الدكتور محمد عويان المحامي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى