مقال

إطفاء حرارة الظمآن من أعظم أبواب الخير

جريدة الأضواء المصرية

إطفاء حرارة الظمآن من أعظم أبواب الخير
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وإمتنانه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه واشهد ان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الداعي إلى رضوانه وعلى اله وصحبه وجميع أخوانه، أما بعد عباد الله اتقوا حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون وبعد ينبغي على كل إنسان أن يسعى جاهدا في عمل سبيل سقي الماء بأي وسيلة من الوسائل المختلفة، فهذا من البر والصدقات الجارية التي تلحق المرء بعد وفاته، فتبريد الأكباد وإطفاء حرارة الظمآن من أعظم الأبواب التي تقود إلى الجنان، ومن أسباب تكفير الآثام، وهو باب عظيم لإذهاب الأسقام، وبه تكون الصدقة جارية عن النفس والوالدين والولدان، وما أجمل هذه الصورة النبيلة الرحيمة لذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه الذي يسعى إلى الجنة عن طريق التراحم والتكافل وسقاية الناس كلهم.

فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال من يشتري بئر رومة يوسع بها على المسلمين وله الجنة ؟ قال فإشتراها عثمان بن عفان رضي الله عنه من يهودي بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وسبلها للمسلمين، وكان اليهودي يبيع ماءها، وفي الحديث أن عثمان رضي الله عنه إشترى منه نصفها باثني عشر ألفا ثم قال لليهودي إختر إما أن تأخذها يوما وآخذها يوما وإما أن تنصب لك عليها دلوا وأنصب عليها دلوا فإختار يوما ويوما، فكان الناس يستقون منها في يوم عثمان لليومين فقال اليهودي أفسدت عليّ بئري فاشتري باقيها، فاشتراه بثمانية آلاف درهم ” فتخيلوا يا عباد الله أنه لا يوجد بئر ولا ماء للمسلمين غير هذه وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه قادرا على إحتكارها وحده ولكنه مثال للتراحم والتكافل.

وتخيلوا لو أن هذه البئر في أيدي أحد المحتكرين الجشعين وحده في هذا الزمان، ماذا كان يفعل بالمسلمين ؟ ولا يقتصر أجر وثواب سقي الماء على الناس فحسب، بل إحسانك إلى البهائم وري ظمأهم كذلك يكون سببا في غفران ذنوبك ودخولك الجنة، فإذا كان الله تعالي غفر للرجل وتلك المرأة البغي من أجل سقي الكلب فما بالكم بمن حرص على سقي أبناء آدم ؟ فلا شك أن الله تعالي يغفر له جميع ذنوبه مهما بلغت، لذلك قال بعض التابعين “من كثرت ذنوبه فعليه بسقي الماء” ومن فضائل سقي الماء أيضا هو أن يسقيه الله تعالي من الرحيق المختوم في الجنة، فيا أيها الراغب في البر والأجر، وبذل المعروف والخير سابق إلى الصدقات الجارية، عن الآباء والأمهات والبنين والبنات، والأنفس والذوات.

واعلم أن من أعظم الصدقات سقي الماء وإجراؤه، فهو من أفضل الأعمال، ومن فوائد سقي الماء أيضا أنه سبب لعلاج الأمراض، وشفاء الأسقام بإذنه سبحانه وتعالي، فيقول ابن شقيق سمعت ابن المبارك وسأله رجل عن قرحة خرجت في ركبته منذ سبع سنين، وقد عالجها بأنواع العلاج، وسأل الأطباء فلم ينتفع بما أعطوه، فقال له ابن المبارك اذهب فاحفر بئرا في مكان يحتاج الناس فيه إلى الماء، فإني أرجو أن ينبع هناك عين ويمسك عنك الدم، ففعل الرجل فبرأ بإذن الله” فقد كان سقي الماء من هذا الرجل سببا لشفائه بعد إذن الله سبحانه وتعالى، فاحرصوا أيها المسلمون على حفر الآبار في الأماكن التي يحتاج إليها الناس، وهذا أمر ميسور، فيطيق الإنسان أن يحفر له بئر بثمن بخس في بلد فقير معوز تجري عليه بركته وبره، فكل هذه المعاني تجعل الأمة في حب وتعاون وتكافل وأمن وسلام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى