مقال

خرج النساء والصبيان يستقبلونه

جريدة الأضواء المصرية

خرج النساء والصبيان يستقبلونه
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 3 ديسمبر 2024
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين أما بعد لقد مكث رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم يدعو الناس سرا حتى نزل قول الله تعالى ” فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ” فصدع بأمر الله تعالى وجهر بدعوته فجعلت قريش تسخر به وتستهزئ به ويؤذونه بالقول وبالفعل وكان من أشد الناس إيذاء له وسخرية به عمه أبو لهب الذي قال الله فيه ” تبت يدا أبي لهب وتب ” إلى آخر السورة حتى بلغ من إيذائهم له أن ألقوا عليه فرث الناقة وسلاها وهو ساجد فلم يقدر أحد على رفعه عنه فلم يزل ساجدا حتى جاءت ابنته فاطمة فألقته.

فلما رأى صلى الله عليه وسلم إستهانة قريش به وشدة إيذائهم له ولأصحابه خرج إلى أهل الطائف يدعوهم فقابل رؤساءهم وعرض عليهم فردوا عليه ردا قبيحا وأرسلوا غلمانهم وسفهاءهم يقفون في وجهه ويرمونه بالحجارة حتى أدموا عقبه صلى الله عليه وسلم فرجع عنهم ومد يد الإفتقار إلى ربه فدعا بدعاء الطائف المشهور “اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي غير أن عافيتك أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن يحل علي غضبك أو أن ينزل بي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك”

ثم قيض الله له صلى الله عليه وسلم الأنصار فبايعوه على عبادة الله وحده لا شريك له وأن يمنعوه إذا قدم عليهم مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم فأذن الله لرسوله بالهجرة إليهم فهاجر في شهر ربيع الأول بعد ثلاث عشرة سنة من مبعثه وكان صلى الله عليه وسلم بصحبته أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فإختفيا في غار ثور ثلاثة أيام والمشركون يطلبونهم من كل وجه حتى كانوا يقفون على الغار الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه، فيقول أبو بكر يا رسول الله والله لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصرنا فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تحزن إن الله معنا ما ظنك باثنين الله ثالثهما” فلما سمع بذلك الأنصار جعلوا يخرجون كل يوم إلى حرة المدينة يستقبلون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يردهم حر الظهيرة.

فكان اليوم الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم هو أنور يوم وأشرفه فإجتمعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محيطين به متقلدين سيوفهم وخرج النساء والصبيان وكل واحد يأخذ بزمام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يكون نزوله عنده وهو صلى الله عليه وسلم يقول دعوها فإنها مأمورة حتى إذا أتت محل مسجده اليوم بركت، فلم ينزل فقامت من علي ناقتة، فسارت غير بعيد ثم رجعت إلى مبركها أول مرة فبركت فيه ثم تحللت ورزمت ووضعت جرانها فنزل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وسكن دار أبي أيوب الأنصاري حتى بنى مسجده ومساكنه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى