يوم إلتقى الجمعان عند آبار بدر بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي نصب الكائنات على وحدانيته حججا، وجعل لمن اتقاه من كل ضائقة مخرجا، وسبحان من أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، أرسله رحمة للعالمين وقدوة للعاملين، وحجة على العباد أجمعين، افترض على العباد طاعته وتوقيره ومحبته، شرح له صدره ورفع له ذكره ووضع عنه وزره، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره، هدى به من الضلالة وعلم به من الجهالة، وكثر به بعد القلة وأعز به بعد الذلة وأغنى به بعد العيلة، وبصر به من العمي وأرشد به من الغي، وفتح برسالته أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد تسليما كثيرا ثم أما بعد، لقد إنطلقت من المدينة جميع غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكانت غزوة بدر أولها ومن أهمها وكان ذلك عندما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قافلة تجارية يقودها أبو سفيان بن حرب يرافقه ما بين ثلاثين وأربعين رجل، تتجه من الشام عائدة إلى مكة، فجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا قوامه حوالي ثلاثة مائة وثلاثة عشر رجلا ليقطع الطريق عليهم، وتنص الكثير من المصادر الإسلامية الأولى، أن المسلمين لم يكونوا يتوقعون حصول معركة كبيرة، ومع اقتراب القافلة من المدينة، بلغت مسامع أبو سفيان، ما يخططه المسلمون، فأرسل رسولا إلى مكة ليحذر قريش ويطلب الإمدادات، فأرسل القرشيون جيشا تراوح عدد جنوده ألف رجل، والتقى الجمعان عند آبار بدر حيث دارت معركة طاحنة انتصر فيها المسلمون على قلة عددهم، وكان في عام ستمائة وخمسة وعشرون من الميلاد قد حشد القرشيون جيشا جديدا.
للثأر لهزيمة بدر وساروا لملاقاة المسلمين، فتواجهوا بالقرب من المدينة مقابل جبل أحد، حيث وضع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم خطة حربية كانت تقضي أن يجعل المدينة المنورة في وجهه ويضع خلفه جبل أحد ويحمى ظهر الجيش بخمسين من الرماة المهرة وضعهم على هضبة عالية مشرفة على أرض المعركة، وجعل قائدهم عبد الله بن جبير، وأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يبقوا في أماكنهم وأن لا يتركوها حتى يأذن لهم فيرموا جيش قريش بالسهام ولا يسمحوا لهم بالالتفاف خلف قطعات جيش المسلمين، كان النصر في بداية الأمر إلى جانب المسلمين، ولكن حصلت حادثة غيرت من مسار نهاية المعركة، عندما ترك الكثير من الرماة مكانه ظنا أن المعركة قد حسم أمرها وأنه لم يبق أثر للمشركين، ونزلوا ليأخذوا من الغنائم.
وبقي أقل من عشرة رماة أبوا أن يلحقوا بهم فنظر خالد بن الوليد وكان ما زال مشركا في جيش قريش إلى من بقي من الرماة فاستثمر الحدث وتوجه بمجموعة من المشركين، وتسللوا خلف جبل الرماة ففاجأوا الرماة القليلين من الخلف وقتلوهم بما فيهم قائدهم عبد الله بن جبير، وعندها وجد المسلمون أنفسهم بأنهم قد أصبحوا محاصرين، فقتل من قتل منهم واشتد الأمر عليهم، عندها عاد من هرب من المشركين وهجموا على المسلمين هجمة شرسة، ورفعوا عن الأرض رايتهم المتسخة، وقد قتل في المعركة خلق كثير من المسلمين منهم عم النبي صلى الله عليه وسلم حمزة بن عبد المطلب، فاللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم عليك بأعداء الملة والدين، اللهم ارفع عنهم يدك وعافيتك، اللهم اهلكهم بالقحط والسنين، يارب العالمين.
اللهم لا تقم لهم راية واجعلهم لمن خلفهم عبرة وآية، يا قوي يا عزيز اللهم وفق ولي أمرنا بتوفيقك وأيده بتأيدك واجعل عمله في رضاك، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.