الدنيا جيفة لا تستحق التنازع بقلم / محمـــد الدكـــروري اليوم : الثلاثاء الموافق 19 نوفمبر 2024 الحمد لله رب العالمين مصرف الأمور، ومقدر المقدور “يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ” أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره وهو الغفور الشكور وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنفع يوم النشور، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله المبعوث بالهدى والنور، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه فازوا بشرف الصحبة وفضل القربى ومضاعفة الأجور والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الآصال والبكور، أما بعد إن الكتاب هو أحسن الأصحاب فسامر الكتب وصاحب العلم ورافق المعرفة، والكون بُني على النظام فعليك بالترتيب في ملبسك وبيتك ومكتبك وواجبك، واخرج إلى الفضاء وطالع الحدائق الغناء وتفرج في خلق الباري وإبداع الخالق.
وعليك بالمشي والرياضة واجتنب الكسل والخمول واهجر الفراغ والبطالة، واقرأ التاريخ وتفكر في عجائبه وتدبر غرائبه واستمتع بقصصه وأخباره، وجدد حياتك ونوع أساليب معيشتك وغير من الروتين الذي تعيشه، أين الهروب من الموت فقيل أن شابا في دمشق حجز ليسافر وأخبر والدته أن موعد إقلاع الطائرة في الساعة كذا وكذا وعليها أن توقظه إن دنا الوقت ونام هذا الشاب وسمعت أمه أخبار الأحوال الجوية في التلفاز وعلمت أن الرياح هوجاء، وأن الجو غائم وأن هناك عواصف رملية فأشفقت على وحيدها فلم توقظه أملا في أن تفوته الطائرة، ولما تأكدت أن الرحلة قد أقلعت أتت إلى إبنها لتوقظه فوجدته ميتا في فراشه ، ففر من الموت وفي الموت وقع، ومن المقدور لا ينجي الحذر، وصدق ربنا سبحانه وتعالي.
” أينما تكونوا يدركم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ” فأنظر إلى هذه النماذج التي إصطحبت معها في قبرها ما تتقرب به إلى ربها لتنال بها الشفاعة، فها هو الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وهو آخر العشرة المبشرين بالجنة موتا وقد أوصى أن يكون شاهد إثباته جبه صوف كان لقي المشركين فيها يوم بدر، فقال أخبئها لهذا، فكفن فيها، وها هو علي بن عبد الله بن حمدان وهو سيف الدولة فقد جمع من نفض الغبار الذي إجتمع له من غزواته شيئا وعمله لبنة بمقدار الكف وأوصى أن توضع في لحده، فنفذت وصيته، وها هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وهو أحد الفقهـاء السبعة الذي أوصى وقال كفنوني في ثيابي التي كنت أتهجد فيها، فترى ما حالك أنت ياعبد الله؟ أي عمل من الصالحات سيؤنس وحشتك بعد موتك؟
فهل هي جبة قتال، أم لبنة جهاد أم ثياب تهجد ام صلة رحم أم ركعات في الليل أم طاعة والدين أم حسن خلق؟ فبادر من الآن، فغدا تسافر فأين زادك؟ وإحرص على زيارة المقابر مرة في الشهر وادعو في هذه الزيارة لأموات المسلمين من عرفت منهم ومن لم تعرف، وشيع جنازة كلما إستطعت وأذكر قول المصطفي صلي الله عليه وسلم ” من تبع جنازة إيمانا وإحتسابا وكان معها حتى يصلي عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن يدفن فإنه يرجع بقيراط من الأجر” ولا تصرف جزء من وقتك في عمل تندم عليه بعد الموت وإملا أوقات فراغك بما يفيدك في أمر دنيا أو أمر آخرة، واعفو عمن ظلمك وصل من قطعك وأعطي من حرمك.
فالدنيا جيفة لا تستحق التنازع من أجلها وكلنا على سفر منها عاجلا أو آجلا، وأنفق مالك قبل أن يوزع غدا على الورثة، وكلما كان إنفاقك في الدنيا أكثر كانت أملاكك في الجنة أكبر، فإذا صليت فصل صلاة مودع وكأنها آخر صلاة.