مقال

مبدأ المعاقبة بالمثل

جريدة الأضواء المصرية

مبدأ المعاقبة بالمثل
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 20 أكتوبر 2024
الحمد لله رب العالمين نحمد ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليّا مرشدا والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين سيدنا محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد، روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد فقال “لقد لقيت من قومك وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال إن الله عز وجل قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك.

وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم قال فناداني ملك الجبال وسلم علي ثم قال يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا” وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذه جبذة شديدة فنظرت إلى صفحة عنقه اليمنى، وقد أثرت بها حاشية البردة من شدة جبذته، فقال يا محمد أعطني من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم فضحك ثم أمر له بعطاء، وجاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

يحكي نبيا من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول “اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون” واعلموا يرحمكم الله إن القصاص هو مبدأ المعاقبة بالمثل، وذكر علماء المسلمين بعض الحكم من تشريعه مثل شفاء غيظ المجني عليه أو أوليائه، ويمنعهم من طلب الثأر أو محاولة الإنتقام، أو الردع عن إرتكاب الجريمة، فالجاني سيشعر بالخوف والإضطراب والتردد عند فعل الجريمة إن علم أنه سيعاقب عليها بالقصاص، والقصاص فيه حياة للمجتمع والقصاص هو حكم الله في الأرض في حالة القتل المتعمد دون مبرر لهذا الفعل وهناك أيضا التعزير، ويثبت القصاص بأحد أمرين وهما الإقرار من قبل الجاني بإرتكاب الجرم والإقرار هو سيد الأدلة، أو شهادة رجلين عدلين ولا يثبت القصاص بشهادة الواحد ولا بيمين الطالب.

وأما عن شروط القصاص في النفس فهو عصمة المقتول فلو قتل المسلم حربيا أو مرتدا أو زانيا محصنا فلا قصاص عليه ولا دية، لكن يعزر لافتياته على الحاكم، أو أن يكون القاتل بالغا عاقلا متعمدا، فلا قصاص على صغير، ومجنون، ومخطئ، وإنما تجب عليهم الدية، أو أن لا يكون المقتول ولدا للقاتل، فلا يقتل أحد الأبوين وإن علا بالولد وإن سفل ذكرا كان أو أنثى، ويقتل الولد إن قتل أحد أبويه إلا أن يعفو ولي الدم إذا إختل شرط من الشروط السابقة سقط القصاص وتعينت الدية المغلظة، وقد اختلف في شرط المكافأة في الدم على ثلاثة أقوال، وهي قول الشافعية في أن المسلم لا يُقتل بالكافر، وقول الأحناف في أن المسلم يُقتل بالكافر، وقول المالكية في أن المسلم يقتل بالكافر إن قُتل الأخير غيلة، كما اختلف بينهم في مقدار الدية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى