حددت وزارة الأوقاف المصرية خطبة الجمعة اليوم 27 سبتمبر عن موضوع *يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات
كتب يحي الداخلى
وهذه خطبة مقترحة عنه *الخطبة الاولى:*
الحمد لله الذي رفع المؤمنين وأعلى درجات العلماء، وجعل العلم نورًا يهدي به من يشاء من عباده إلى صراطه المستقيم. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد:
عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: *يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* [الأحزاب: 70].
أيها المسلمون، إن الله سبحانه وتعالى قد ميز بين عباده المؤمنين وبين من زاد عليهم نعمة العلم. قال الله تعالى: *يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ* [المجادلة: 11]. في هذه الآية الكريمة توجيه لنا إلى قيمة العلم في ديننا وعند الله سبحانه وتعالى، فهو سبب لرفع درجات المؤمنين في الدنيا والآخرة.
وفي هذه الايه دلالة واضحة على فضل الإيمان والعلم في الإسلام. “يرفع الله الذين آمنوا منكم” في هذه الجملة، يخبر الله سبحانه وتعالى بأنه يرفع المؤمنين من بين عباده. والمقصود بالرفع هنا هو رفع الدرجات والمنازل عند الله في الدنيا والآخرة. فالإيمان بالله والإخلاص في العمل الصالح يجلب للمؤمنين مكانة عالية عند الله، ويزيدهم قربًا منه. “والذين أوتوا العلم درجات” الله يبين أن الذين يجمعون بين الإيمان والعلم يرتفعون بدرجات أعلى. والعلم هنا يشمل العلم الشرعي الذي يؤدي إلى معرفة الله وتوحيده وفهم الشريعة والعمل بها، وكذلك العلم الذي ينفع الناس في الدنيا. فالله يرفع العلماء بدرجات عالية لأنهم يعملون على نشر الحق والهداية بين الناس، ويفهمون أوامر الله ونواهيه. و الدرجات المقصودة هنا في الدنيا وفي الآخرة. في الدنيا.. العلماء لهم منزلة مميزة بين الناس. يُرجع إليهم في مسائل الدين والدنيا، ويُعتمد على علمهم في تعليم الناس وهدايتهم. وفي الآخرة: يرفعهم الله مراتب عالية في الجنة، وذلك بقدر علمهم وعملهم بما يعلمون. كلما زاد علم الإنسان وإيمانه، كلما علت منزلته عند الله. والإسلام يجعل للعلم مكانة عظيمة، حيث إنه ليس مجرد وسيلة للفهم، بل هو عبادة إذا كانت النية خالصة لله. العلماء هم ورثة الأنبياء في نقل الرسالة الإلهية وتوضيحها للناس، ولذا فإن لهم درجات عالية تفوق غيرهم.
العلماء ورثة الأنبياء، ولقد جعل الله تعالى لهم منزلة عظيمة في دينه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب”، فالعلم هو الذي يُميِّز الإنسان عن غيره، ويُعينه على فهم شرع الله والعمل به، وهو النور الذي يُنير له الطريق إلى الجنة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر” (رواه الترمذي وأبو داود).
“العلماء ورثة الأنبياء”: الأنبياء جاؤوا إلى الناس بالهداية والوحي من الله، فأخرجوا الناس من الظلمات إلى النور وبيّنوا لهم الحق والباطل، الحلال والحرام، والسبيل إلى الله. وبعد وفاة الأنبياء، لم يبقَ أحد يقوم بهذه المهمة إلا العلماء. فالعلماء هم الذين يحملون هذا الإرث العظيم، وينقلونه من جيل إلى جيل، وينشرون العلم الذي جاء به الأنبياء.”وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا”: الأنبياء لم يتركوا وراءهم ثروة مادية أو مالًا، وإنما تركوا ما هو أعظم من ذلك: العلم الشرعي. وهو العلم الذي يوصل الناس إلى رضا الله ويُبين لهم الطريق إلى الجنة. الأنبياء اهتموا بنشر هذا العلم وليس بجمع المال، وكذلك العلماء يجب أن يكونوا.”إنما ورّثوا العلم”: هذا العلم هو الذي ورثه العلماء من الأنبياء. فالقرآن الكريم والسنة النبوية هما المصدران الرئيسيان لهذا العلم، والعلماء يقومون بتفسير النصوص، وتوضيح الأحكام، وتوجيه الناس في أمور دينهم ودنياهم.”فمن أخذه أخذ بحظ وافر”: من أخذ هذا العلم وقام به، فقد أخذ نصيبًا عظيمًا. فالعمل بالعلم ونشره بين الناس هو من أعظم الأعمال التي يمكن أن يقوم بها الإنسان. العلم هو الطريق إلى الخشية من الله والعمل الصالح، والإنسان الذي يطلب العلم الشرعي ويعمل به يكون قد أخذ خيرًا كثيرًا.
*الخطبة الثانية:* أيها المؤمنون، العلم النافع هو العلم الذي يدفع بصاحبه إلى الإيمان بالله وزيادة التقوى والخشية منه. قال الله سبحانه وتعالى: *إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ* [فاطر: 28]، فكلما زاد علم الإنسان بالله وأسمائه وصفاته وآياته في الكون، زاد خشيته وخوفه من الله.
أيها المسلمون، إن قيمة العلم ليست مجرد جمع المعلومات، بل هي التمسك بما يعلم الإنسان من حق والتمسك به، والعمل به. فالعلم الذي لا يتبعه عمل لا ينفع صاحبه. وفي هذا يقول الحسن البصري: “العلم علمان: علم في القلب فذاك العلم النافع، وعلم على اللسان فذاك حجة الله على خلقه.”
أيها الإخوة المؤمنون، إن السعي لتحصيل العلم ليس مقتصرًا على فئة معينة من الناس، بل هو واجب على كل مسلم ومسلمة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “طلب العلم فريضة على كل مسلم”. ويجب علينا أن نسعى لتعلم أمور ديننا ودنيانا، وأن نعلم أن العلم عبادة إذا كانت النية خالصة لله سبحانه وتعالى.
أيها الأحبة، لا ينبغي لنا أن ننسى فضل العلماء العاملين الذين نفعوا الناس بعلمهم، وكم من عالمٍ ترك بصمةً عظيمة في الأمة، فهم الذين يُقتدى بهم في فهم النصوص الشرعية وتطبيقها في حياتنا اليومية.
ختامًا أيها المؤمنون، لنتذكر دائمًا أن العلم طريق إلى الجنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة”. فلنحرص جميعًا على تحصيل العلم، ولنخلص النية في طلبه والعمل به، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الذين يرفعهم الله درجات بالعلم والإيمان.
**اللهم ارزقنا العلم النافع والعمل الصالح، واغفر لنا ذنوبنا، وارفعنا عندك درجات، إنك أنت السميع العليم
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم