
المسلمون الأوائل لا يهابون الأسود
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله أحاط بكل شيء خبرا، وجعل لكل شيء قدرا، وأسبغ على الخلائق من حفظه سترا، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، أرسله إلى الناس كافة عذرا ونذرا صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، أخلد الله لهم ذكرا وأعظم لهم أجرا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين ثم أما بعد قيل أنه بينما جيش المسلمين وجيش الفرس يستعدان للمعركة إذ يتفاجأ المسلمين بأن الفرس قد جلبوا معهم أسدا مدربا على القتال وبدون سابق إنذار يركض الأسد نحو جيش المسلمين وهو يزأر ويكشر عن أنيابه، فيخرج من جيش المسلمين رجل بقلب أسد ويركض الرجل المسلم الشجاع البطل نحو الأسد في مشهد رهيب لا يمكن تصوره.
فكيف لرجل أن يركض نحو أسد ؟ فلم تحدث في التاريخ أن رجلا يركض نحو أسد مفترس، فالجيشان ينظران ويتعجبان، فكيف لرجل مهما بلغت قوته أن يواجه ألأسد، فانطلق هذا البطل كالريح نحو الأسد لا يهابه وبصدره عزة وإيمان وشجاعة المسلم الذي لايهاب شيئا إلا الله تعالي، بل كان يعتقد أن الأسد هو الذي يجب أن يهابه، ثم قفز عليه كالليث على فريسته وطعنه عدة طعنات حتى قتله، فتملك الرعب من قلوب الفرس كيف سيقاتلون رجالا لا تهاب الأسود؟ فدحرهم المسلمون عن بكرة أبيهم ثم ذهب سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه إلى بطلنا وقبل رأسه تكريما له، فانكب بطلنا بتواضع الفرسان على قدم سعد رضي الله عنه فقبلها وقال ما لمثلك أن يقبل رأسي أتدرون من هو الفارس الأسد ؟ إنه هاشم بن عتبة بن أبي وقَاص رضي الله عنهم أجمعين ”
وهاشم بن عتبة بن أبي وقاص رضي الله عنه بطل همام، وشجاع مشهور من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسلم يوم فتح مكة وحسن إسلامه، وانقلب من عدو لله ورسوله صلى الله عليه وسلم إلى ولي حميم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولدينه وكان هاشم من الأبطال المعدودين، ومن شجاعته وهمته في الحرب كان يلقب بالمقال، أي السريع إلى العدو، وقد خرج الصحابى الجليل مع عمه سعد بن أبي وقاص أمير الجيش الإسلامي في بلاد الفرس لفتحها، ولإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وهناك أبلى هاشم بلاء حسنا، وكانت أيامه بيضاء غراء ومن أيامه الغر البيض رضي الله عنه يوم مظلم ساباط وهو مكان بالعراق بعد بلدة نهر شير التي فتحها المسلمون، وفي هذا المكان تجمعت كتائب كثيرة لكسرى حاكم الفرس يسمونها بوران.
ويقسمون كل يوم لا يزول ملك فارس ما عشنا، وقد أعدوا أسدا كبيرا يقال له المقرط، في طريق المسلمين ظنوا أن المجاهدين في سبيل الله الذين يحبون الموت ويؤثرونه على الحياة مثلهم سيخافون ويفرون من أسد، ولم يعلموا أن رضاء رب العالمين، والفوز بجنته، ونيل كرامته هو مطلوبهم ، ولم يعلموا أن الأسد حيوان مسخر مربوب، والله عز وجل قادر أن يحوله عليهم، مثل فيل إبرهه الأشرم، وتقدم المسلمون، فسلطوا الفرس الأسد علي جيش المسلمين، وكان هاشم في المقدمة رضي الله عنه، فتقدم بسرعة إلى الأسد، فطعنه عدة طعنات بسيفه فقتله، والفرس ينظرون، فكبر المسلمون تكبيرة أفزعت قلوب الفرس، واستمر هاشم في تقدمه وسرعته ومن ورائه الفاتحون، فحمل على الفرس حملة شديدة أزالتهم عن أماكنهم.
وهو يتلو قول الله عز وجل ” أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال” وتم النصر بفضل الله سبحانه وتعالى وله الحمد والمنة، وفي هذا اليوم قبل سعد رضي الله عنه رأس هاشم ابن أخيه تكريما له، وقبل هاشم قدم سعد، إجلالا وإحتراما له، ولقب سيف هاشم من ذلك اليوم بالمنن فرضي الله عنه، وعن صحابة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أجمعين.