مقال

التابعي عامر بن عبد الله التميمي

جريدة الأضواء المصرية

التابعي عامر بن عبد الله التميمي
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 30 يوليو 2024
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد لقد أمرنا الله عز وجل علي العفو وجعله صفه من صفات المتقين، وإذا تكلمنا عن العفو فسوف نذكر قصة عامر بن عبد الله التميمي التابعي رضي الله عنه عندما وجد أحد رجال الشرطة يجر معاهدا وهو يقول مستغيثا أجيروني أجاركم الله أجيروا ذمة نبيكم يا معشر المسلمين فأقبل عامر إليه وقال هل أديت جزيتك قال نعم أديتها فقال للشرطي ما تريد منه؟ قال أريد أن يذهب معي فيكسح حديقة صاحب الشرط، فقال عامر للذمي أتطيب نفسك بهذا العمل؟ قال كلا، فقال الشرطي دعه، فقال لا أدعه فألقى عامر برداءه على الذمي وقال والله لا تحفر ذمة محمد وأنا حي ثم تجمع الناس وأعانوا عامر على الرجل وخلصوا الذمي بالقوة فما كان من أعوان صاحب الشرط.

إلا أن إتهموه بنبذ الطاعة ورموه بالخروج على السنة والجماعة وقالوا إنه إمرؤ لا يتزوج النساء ولا يأكل لحم الحيوانات وألبانها ويتعالى على غشيان مجالس الولاة، ورفعوا أمره إلى أمير ألمؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه فأمر الخليفة واليه على البصرة بأن يدعو عامر بن عبدالله إلى مجلسه وأن يسأله عما نسب إليه وأن يرفع له خبره فإستدعي إلى البصرة عامرا وقال إن أمير المؤمنين أطال الله بقاءه أمرني أن أسالك عن أمور نسبت أليك فقال سل عمّا أمر به أمير المؤمنين، فقال مالك تعزف عن السنة سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وتأبى أن تتزوج ؟ فقال ما تركت الزواج عزوفا عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم فأنا أشهد أن لا رهبانية في الإسلام وإنما أنا إمرؤ رأى أن له نفسا واحدة فجعلها لله عز وجل وخشي أن تغلبه الزوجة عليها.

فقال مالك لا تأكل اللحم ؟ فقال بل أكله إذا اشتهيته ووجدته أما إذا لم أشتهيه أو أشتهيته ولم أجده فاني لا آكله، فقال مالك لا تأكل الجبن؟ فقال أنا في منطقة بها مجوس يصنعون الجبن هم قوم لا يفرقون بين الميتة والمذبوحة وإني لأخشى أن تكون المنفحة وهي ماده تستخدم من بطن الجدي الصغير وتوضع في الحليب فيصير جبنا التي تصنع بها الجبن من شاة غير مذكاة فما شهد شاهدان من المسلمين على أنه جبن صنع بمنفحة شاة مذبوحة أكلته، فقال وما يمنعك من أن تأتي الولاة وتشهد مجالسهم ؟ فقال إن في أبوابكم كثيرا من طلاب الحاجات فأدعهم إليكم فأقضوا حوائجهم لديكم واتركوا من لا حاجة له عندكم، ورفعت أقوال عامر إلى أمير المؤمنين عثمان فلم فيها نبذا للطاعة أو خروجا على السنة والجماعة، غير أن ذلك لم يطفئ نار الشر.

وكثر القيل والقال حول عامر وكادت تكون فتنة بين أنصار الرجل وخصومه، فأمر عثمان بن عفان رضي الله عنه بتسييره إلى بلاد الشام وإتخاذها دار إقامة له، وأوصى واليه على الشام معاوية بن أبي سفيان أن يحسن إستقباله وأن يرعى حرمته، وفي اليوم الذي عزم فيه عامر على الرحيل عن البصرة خرج خلق كثير من إخوانه وتلاميذه لوداعه وشيعوه حتى بلغوا ظاهر المربد وهو مكان يقال له ظاهر المربد، وهناك قال لهم إني داع فأمنوا على دعائي، فأشرأبت إليه أعناق الناس وسكنت حركتهم وتعلقت به عيونهم، فرفع يديه وقال اللهم من وشى بي وكذب علي، وكان سببا في إخراجي من بلدي و التفريق بيني وبين صحبي “اللهم إني قد صفحت عنه، فاصفح عنه وهبه العافية في دينه ودنياه،

وتغمدني وإياه وسائر المسلمين برحمتك وعفوك وإحسانك يا أرحم الراحمين فضج الناس بالبكاء من هذا الموقف الذي لا يمكن أن يصدر إلا من قلب طاهر تربى على القرآن الكريم وجعل الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين هم الأسوة له والقدوة، ثم توجه إلى الشام، رحمه الله تعالي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى