مقال

يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود

جريدة الأضواء المصرية

يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 28 أغسطس 2024
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد، إن عقد النكاح هو أحد العقود التي أمر الله بالوفاء بها في قوله تعالي ” يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ” فعقد النكاح عقد ذو شأن كبير، ولذا وصفه الله بأنه ميثاق، وأن هذا الميثاق ميثاق غليظ، فقال ” وأخذن منكم ميثاقا غليظا ” فإنه ميثاق وأي ميثاق؟ ميثاق يقوم بسببه البيت، فيه غض البصر، وتحصين الفرج، وحصول الولد، وسكون النفس وطمأنينتها، وشريعة الإسلام شرعت ما يسبب استمرار هذا العقد وديمومته، ولذا أمر الزوج بالصبر على ما يستطيع الصبر من أخطاء المرأة، في الحديث الشرف ” لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلُقا رضي منها آخر”

وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المرأة خلقت من ضلع، وأن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وأمر أن نستمتع بالنساء وأوصانا بهن خيرا، فقال “استوصوا بالنساء خيرا، فإنها خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه” وهذا العقد وهو عقد الزواج استبيح بكلمة الله، كما قال صلى الله عليه وسلم “أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله” وأمر الزوج عندما يحصل من امرأته شيء من النشوز والعصيان أن لا يقابل ذلك بالطلاق المتسرع، وإنما أمره أن يعظها ويذكرها الله والدار الآخرة، فعسى موعظة تصلح الأخطاء، وتزيل ما علق بالنفوس، وجوّز له هجرها في المضجع أو ضربها الضرب اليسير غير المبرح، فعسى أن يردعها عن جهلها وتعديها على زوجها، والمرأة المسلمة أيضا مطالبة بالصبر على زوجها.

وأن عبادتها لربها بمحافظتها على عبادة الله، ومحافظتها على الصلوات الخمس، وطاعتها لزوجها هو سبب لدخول الجنة، في الحديث “إذا صلت المرأة خمسها، وأطاعت بعلها قيل لها ادخلِي الجنة من أي أبواب الجنة شئتي” وإذا لم تنفع الموعظة ولم ينفع الصبر فالشرع أيضا أمر بحكمين من خلال المرأة والرجل، ينظران في شأنهما، فإما أن يحكما باجتماعهما، وإما أن يحكما بافتراقهما، وعندما تتعذر كل أسباب الوئام والاتفاق فالإسلام شرع الطلاق، عندما تدعو الحاجة إليه، وعندما لا يكون سببا للخلاص من المشاكل إلا الطلاق، فإن شريعة الإسلام لا تجعل المرأة غلا في عنق الرجل دائما يشقى بها، ولا تجعل المرأة تضيع مصالحها بأسباب نزاعها مع زوجها، فإن الحياة الزوجية إذا تكدرت شقي الرجل وشقيت المرأة وشقيت الأسرة.

فشرع الطلاق عندما تدعو الحاجة إليه، ولكن هذا الطلاق لم يُجعل على أهواء الناس ومرادهم، وإنما الطلاق على حسب ما بيّن الله في كتابه وبينه رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فنظام الطلاق لم يستمد من آراء الناس وتصوراتهم، وإنما جاء تشريعا ربانيا في كتاب ربنا وفي سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، وإذا التزم المسلم شرع الله في زواجه وطلاقه فإنه يعيش على خير لأن في شرع الله حل كل المشاكل على أيسر حال وأحسن، وإنما تأتي الفوضى عندما يخالف المسلم شرعَ الله في الطلاق، ولقد كان العرب في جاهليتهم يؤذون المرأةَ ويلحقون بها الأذى، فكان الرجل يطلق حتى إذا قارب انقضاء العدة راجعها، وربما طلقها مائة طلقة، وهكذا، فجاء الإسلام بنظام للطلاق، وهو نظام يكفل مصلحة المرأة والرجل معا، فإن التزام المسلمين بشرع الله فيه خلاص لهم من كل المشاكل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى