دين ودنيا

لا تخونوا الله والرسول

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 27 أغسطس 2024
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد بالعلم تشرق سيرة المرء، ويبقى ذكره وإن فقد، والدعوة إلى هذا الدين ونشره بالحكمة سبيل المرسلين والصالحين، ويقول تعالي ” قل هذه سبيلي أدعوا إلي الله علي بصيرة أنا ومن أتبعني” وهو باب الخير والبركات “فلئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حُمر النعم” متفق عليه، وبر الوالدين طاعة وسعادة، والقرب منهما أُنس وتوفيق، قال سبحانه عن نبي الله عيسى عليه السلام ” وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا” وقال ابن كثير رحمه الله “من بر بوالديه كان متواضعا سعيدا” والابن الفطن يسعد بالإجازة لمزيد البر لوالديه، وإدخال السرور عليهما، وصحبتهما، ومما يفرحهما إستقامة ولدهما على الدين.

وإن أقسى شيء أن تطعن الأمة من رجالها وأبناء جلدتها، فما أشدها من طعنة، وما أبشعها من نكسة، وما أقساها من محنة، فإنها الخيانة القبيحة بكل صورها التي لعنتها كل الشرائع السماوية والقوانين الأرضية، وكفى بالخائن إثما أنه ابتاع دنياه بسوء السيرة وآخرته بغضب الرحمن، وقال الراغب الأصفهاني الخيانة والنفاق واحد إلا أن الخيانة تقال اعتبارا بالعهد والأمانة، والنفاق يقال اعتبارا بالدين ثم يتدخلان فالخيانة مخالفة الحق بنقض العهد في السر، وقال ابن الجوزي رحمه الله الخيانة هي التفريط فيما يؤتمن الإنسان عليه، ونقيضها الأمانة، وقال المناوي رحمة الله عليه الخيانة هي التفريط في الأمانة، وقيل هي مخالفة الحق بنقض العهد، ومن معاني كلمة الخيانة في القرآن هي المعصية حيث قال الله تعالى كما جاء في سورة البقرة ” علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم”

وقال ابن قتيبة تخونونها بالمعصية، ومن معاني كلمة الخيانة في القرآن هو نقض العهد حيث قال تعالى كما جاء في سورة الأنفال ” وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء” ومن معاني كلمة الخيانة في القرآن هو ترك الأمانة حيث قال تعالى ” ولا تكن للخائنين خصيما ” ونزلت في طعمة بن أبيرق كان عنده درع فخانها، ومن معاني كلمة الخيانة في القرآن هو المخالفة في الدين، حيث قال تعالى “كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما” ومن معاني كلمة الخيانة في القرآن هو الزنا، حيث قال تعالى “وأن الله لا يهدي كيد الخائنين” ولقد ورد لفظ الخيانة في سورة الأنفال في ثلاث آيات قال تعالى ” يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون” وقال “وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين”

وقال “وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم” وفي كل آية يرد اللفظ مرتين، وهو ما لم يحدث في أي سورة من سور القرآن، ودلالة هذا التكرار تفيد الانتباه لأهمية الأمر خاصة أن سورة الأنفال هي سورة الجهاد والقتال، ولقد بدأت السورة بأول معركة للمسلمين ألا وهي غزوة بدر وهو ما يلفت النظر للحذر من الخيانة التي تكونه خاصة في المعارك، فاللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زادا لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، فاللهم آمين يا رب العالمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى