أخبار عالميه

الصين.قررت تشديد قبضتها على الإمدادات العالمية للمعادن الحرجة

جريدة الأضواء المصرية

الصين.قررت تشديد قبضتها على الإمدادات العالمية للمعادن الحرجة

كتب/ أيمن بحر

فى خطوة تمثل تحذيراً صارماً للدول الغربية قررت الصين تشديد قبضتها على الإمدادات العالمية للمعادن الحرجة حيث أضافت معدن الاثمد أو الأنتيمون (antimony) الذي يستخدم على نطاق واسع فى تصنيع الأسلحة والذخيرة إلى قائمة المعادن الخاضعة لضوابط التصدير، ما يجعل أى عملية تصدير لهذا المعدن من الصين مشروطة بالحصول على ترخيص حكومى يسمح بذلك.

ووفقاً لبيان أصدرته وزارة التجارة الصينية نهاية الأسبوع الماضى فإن القيود على تصدير معدن الأنتيمون والمواد المرتبطة به ستطبق اعتباراً من 15 سبتمبر 2024 وذلك لأهداف تتعلق بحماية الأمن القومي للبلاد إذ كشف تقرير أعدته بلومبرغ أن هذه القيود تعد جزءاً أساسياً من الرد الصيني على الجهود العدوانية المتزايدة التى تبذلها إدارة بايدن لمنع بكين من التقدم فى مجال الذكاء الاصطناعى وتصنيع الرقائق وفى وقت تدرس فيه الولايات المتحدة إمكانية فرض قيود جديدة على وصول الصين إلى رقائق الذكاء الاصطناعى والمعدات القادرة على صنعها فى أقرب وقت من الشهر المقبل.وتعد الصين أكبر مصدر في العالم لأكثر من 30 معدناً أساسياً وهي تمتلك حصة 56 في المئة من الإمدادات العالمية المستخرجة من معدن الأنتيمون وفقاً لدراسة أجراها الاتحاد الأوروبى فى عام 2023.

وقد أسست الصين لهيمنتها على المعادن الحرجة على مدى عقود من الزمان ولكن فى السنوات الأخيرة كثفت الولايات المتحدة والحكومات الغربية الأخرى جهودها لتأمين إمدادات المعادن الأساسية بعيداً عن نفوذ بكين.وفى حين تعد الصين أكبر منجم للأنتيمون أو الإثمد في العالم إلا أن إنتاجها للمعدن تراجع بشكل كبير فى السنوات الأخيرة ففى عام 2020 أنتجت الصين نحو 61 ألف طن من خام الأنتيمون ليتراجع الإنتاج إلى 40 ألف طن فى عام 2023 وفقاً لرويترز، فى اتجاه غذى المخاوف من امكانية حدوث نقص عالمى فى امدادات هذا المعدن ودعم ارتفاع الأسعار.

وبحسب بيانات وكالة Fastmarkets التى توفر معلومات عن صناعة المعادن فإن سعر معدن الأنتيمون ارتفع بنسبة 100 فى المئة تقريباً هذا العام إلى 23150 دولاراً للطن وهو أعلى سعر له منذ عام 2005 على الأقل. كما أظهرت بيانات Fastmarkets أن الولايات المتحدة لا تنتج معدن الأنتيمون محلياً رغم أنها تستخدمه في الذخيرة ومثبطات اللهب بالإضافة إلى منتجات السيراميك والزجاج والمطاط.ووفقاً لبلومبرغ فإن المخاوف تتزايد في العالم من توسيع الصين لقبضتها على إمدادات المعادن الحرجة بشكل حاد، وذلك بعد أن أخضعت بكين فى الأشهر الماضية معدني الجاليوم والجرمانيوم ولاحقاً الجرافيت لقيود التصدير لتحصر أى عملية تصدير لهذه المعادن بالحصول على ترخيص حكومى يسمح بذلك، وهو ما أدى لتراجع صادرات الجاليوم والجرمانيوم من الصين مع عدم قدرة بعض المصدرين الصينيين على تأمين التراخيص اللازمة.

والمعادن الحرجة هى المعادن التى تعتبر ضرورية للاقتصاد الحديث ولكن تواجه خطراً كبيراً يتعلق بالإمدادات. وتتسم هذه المعادن بعدد من الخصائص منها الأهمية الكبيرة في الصناعات التكنولوجية والبيئية والطبية ومن الأمثلة على المعادن الحرجة الأنتيمون والليثيوم والكوبالت والندميوم والتنتالوم يقول حسن الدسوقى وهو مختص بالهندسة الكهربائية في حديث إن الأنتيمون هو معدن رمادى لامع معروف منذ العصور القديمة عندما كان يستخدم فى الطب ومستحضرات التجميل، ولكنه بات يستخدم الآن فى عدة مجالات صناعية وهندسية حيث أن 50 فى المئة من استخدام الأنتيمون فى العالم حالياً، يرتبط بدوره كمثبط للهب ومساعد للمواد على مقاومة الحرارة وفى الوقت نفسه يتم استخدام الأنتيمون لصنع الزجاج الكهروضوئي وتحسين أداء الخلايا الشمسية كما يستخدم في تصنيع المكونات الإلكترونية الدقيقة وتحسين خصائص الزجاج والسيراميك والبطاريات والأدوية

ويلفت الدسوقى إلى أن الأنتيمون أصبح معدناً استراتيجياً بسبب استخدامه بشكل متزايد في المعدات العسكرية مثل الصواريخ بالأشعة تحت الحمراء والأسلحة النووية ونظارات الرؤية الليلية وكعامل تقوية للرصاص والدبابات خصوصاً أنه يُسهم فى زيادة فعالية المواد ضد الاحتراق وهذا ما يجعل مسألة التحكم فى إمداداته ذات أهمية استراتيجية.

ويشرح الدسوقى أنه بخصائصه التكنولوجية المثيرة تهيمن الصين على الإنتاج العالمي للأنتيمون فبحسب بيانات هيئة المسح الجيولوجى فى أميركا تعتبر الصين أكبر منتج للأنتيمون فى العالم بحصة سوقية وصلت نسبتها إلى 50 فى المئة فى عام 2023 تليها طاجيكستان بنسبة 25 فى المئة ومن ثم فييتنام وميانمار والهند وتركيا مشدداً على أن السيطرة الصينية على إمدادات الأنتيمون ونية بكين فرض قيود على عملية تصدير هذا المعدن، تسلط الضوء على أهمية أن تجد الأسواق المستوردة للأنتيمون بدائل أكثر استقراراً وهو ما لا يمكن تحقيقه بسرعة خصوصاً أن العالم يعانى من عجز فى سوق الأنتيمون يقدّر حجمه بنحو 10000 طن فى مايو 2024 بحسب شركة Project Blue الاستشارية.ويؤكد الدسوقي أن فرض الصين قيود على تصدير الأنتيمون سيؤدى حتماً إلى توسيع العجز فى توافر هذا المعدن فإمدادات الأنتيمون ضيقة للغاية نظراً لأن الاحتياطيات المعروفة لهذا المعدن أقل بكثير من احتياطات المعادن الأساسية الأخرى، كما أن نوعية الخام المستخرج باتت فى تراجع مستمر وهو ما يؤثر على جودة الأنتيمون فى الوقت الذي يزداد فيه الطلب على المعدن فى قطاعى الطاقة الشمسية والعسكرية.من جهتها تقول الكاتبة المختصة بالاقتصاد رنى سعرتي فى حديث إن لجوء الصين إلى استخدام مادة الأنتيمون كورقة ضغط وسلاح ردع فى صراعها مع الدول الغربية يأتى بعد أن واجهت بكين فى الأشهر الأخيرة تصعيداً اميركياً وأوروبياً فى وجه بعض قطاعاتها الصناعية وخاصة تلك المرتبطة بصناعة السيارات والرقائق الذكية وبالتالى أرادت الصين محاولة ردع أميركا وأوروبا، عن اتخاذ مزيد من الإجراءات التي تعتبرها إجراءات هجومية مشيرة إلى أن معظم الدول الصناعية فى العالم ومن ضمنها أميركا تستخدم معدن الأنتيمون الذى تنتجه الصين ولكن فى الغالب يستورد المشترون الأميركيون هذه المواد من الهند فى حين ستتطلع أوروبا إلى طاجيكستان وفيتنام وميانمار كبدائل محتملة للصين.وتكشف سعرتي أن القيود الصينية الجديدة ستطبق على مختلف منتجات الأنتيمون بما فى ذلك الخام والسبائك والأكسيد، حيث سيتعين على المصدرين التقدم بطلبات للحصول على تراخيص تتيح لهم التصدير وهى العملية التي تستغرق عادة من شهرين إلى ثلاثة أشهر فى الصين لافتةً إلى أن تفسيراً موجزاً أصدرته وزارة التجارة الصينية أشار إلى أن الحكومة ستعارض أي دولة تستخدم مواد من الصين للانخراط فى أنشطة تقوض السيادة الوطنية للبلاد وأمنها ومصالحها التنموية.وتؤكد سعرتي أن الانعكاس الأول لهذا القرار، سيتجسد بتسجيل أسعار معدن الأنتيمون لمزيد من الارتفاع مع إمكانية أن يصل سعر طن الأنتيمون إلى 30 ألف دولار حيث سيبحث المشترون عن تأمين المواد للإنتاج أو التخزين، وهذا ما سيؤدى أيضاً إلى توسيع العجز فى السوق وارتفاع أسعار المنتجات التي تستخدم هذا المعدن متوقعاً أن تلجأ أميركا وأوروبا إلى طاجيكستان وفيتنام وميانمار والهند وتركيا لتغطية النقص الصينى في وقت يعجز فيه العالم عن توقع إلى أى مدى يمكن أن تتصاعد حدة العداء بين الصين والغرب وما انعكاسات ذلك على الاقتصاد العالمى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى