مقال

نبي الله موسي والعبد التائب

جريدة الأضواء المصرية

نبي الله موسي والعبد التائب
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا أما بعد، روي أنه لحق بني إسرائيل قحط على عهد نبي الله موسى عليه السلام فاجتمع الناس إليه فقالوا يا كليم الله ادعوا لنا ربك أن يسقينا الغيث فقام معهم وخرجوا إلى الصحراء وهم سبعون ألفا أو يزيدون فقال موسى عليه السلام إلهي اسقنا غيثك وانشر علينا رحمتك وارحمنا بالأطفال الرضع والبهائم الرتع والمشايخ الركع فما زادت السماء إلا تقشعا والشمس إلا حرارة فأوحى الله إليه يا موسى كيف وفيكم عبد يبارزني منذ أربعين سنة بالمعاصي؟ فنادي في الناس حتى يخرج من بين أظهركم فبه منعتكم.

فقال موسى إلهي وسيدي أنا عبد ضعيف وصوتي ضعيف فأين يبلغ وهم سبعون ألفا أو يزيدون؟ فأوحى الله إليه منك النداء ومني البلاغ فقام مناديا وقال يا أيها العبد العاصي الذي يبارز الله منذ أربعين سنة اخرج من بين أظهرنا فبك منعنا المطر فقام العبد العاصي فنظر ذات اليمين وذات الشمال فلم يري أحدا خرج فعلم أنه المطلوب فقال في نفسه إن أنا خرجت من بين هذا الخلق افتضحت على رؤوس بني إسرائيل وإن قعدت معهم منعوا لأجلي فأدخل رأسه في ثيابه نادما على فعاله وقال إلهي وسيدي عصيتك أربعين سنة وأمهلتني وقد أتيتك طائعا فاقبلني فلم يستتم الكلام حتى ارتفعت سحابة بيضاء فأمطرت كأفواه القرب فقال موسى إلهي وسيدي بماذا سقيتنا وما خرج من بين أظهرنا أحد؟

فقال يا موسى سقيتكم بالذي به منعتكم فقال موسى إلهي أرني هذا العبد الطائع فقال يا موسى إني لم أفضحه وهو يعصيني أأفضحه وهو يطيعني؟ فما من شر في العالم ولا فساد ولا نقص ديني أو دنيوي إلا وسببه المعاصي والمخالفات كما أنه ما من خير في العالم ولا نعمة دينية أو دنيوية إلا وسببها طاعة الله تعالى وإقامة دينه، فالتوبة، التوبة تفلحوا، وتنجحوا وتستقيم أحوالكم وتصلحوا، وارجعوا إلى ربكم بالتجرد والتخلص من حقوق الله التي له قبَلكم واخرجوا من جميع المظالم التي عند بعضكم لبعض وأكثروا من الاستغفار، بقلب يقظان حاضر معترف بالذنوب مقر بالتقصير والعيوب وأديموا التضرع لرب الأرباب يُدرّ عليكم الرزق من السحاب، فقد قال الإمام القرطبي رحمه الله وقد استسقى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

فخرج إلى المصلي متواضعا متذللا، متخشعا مترسلا، متضرعا وحسبك به فكيف بنا ولا توبة معنا إلا العناد، ومخالفة رب العباد فأنى نسقى ؟ فالإقلاع عن الذنوب والمعاصي والتوبة والإنابة إلى الله مع الاستغفار واللجوء إلى الله رب العالمين بالدعاء في خشوع وتضرع وإنكسار وإضطرار من أسباب نزول الغيث من السماء والإمداد بالأموال والبنين وجريان الأنهار والبركة في ذلك، فاللهم نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه ومالم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه ومالم نعلم، اللهم اعطنا ولا تحرمنا وزدنا ولا تنقصنا واكرمنا ولا تهنا وآثرنا ولا تؤثر علينا، اللهم رغبنا فيما يبقى وزهدنا فيما يفنى واغفر لنا الآخرة والأولى، اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى