أيحسب الإنسان أن يترك سدى بقلم / محمـــد الدكـــروري اليوم : الأحد الموافق 11 أغسطس 2024 إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد، إنه رغم وجود المعلم الأعظم والمربي الأكمل الرسول الكريم الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم، فقد أبت بعض النفوس من صحابته وغيرهم التربية والتكامل فتسافلت تلك النفوس الصغيرة متمردة، وبإنحراف هذه الفئة انحرف كثير من الأمة بعد ذلك عن المنهج الحق لذا تسافل أمر الأمة الى ما بلغ عليه إلى الآن، وكما هو الحال في بني أسرائيل هو الحال في المسلمين، فإن من قوم موسى الكليم عليه السلام أمة لم تنحرف بل التزمت الحق واتبعته فقال الله تعالى فى كتابة العزيز “ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون”
وكان في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، أمة ملتزمة بالحق، فما جرى هناك جرى هنا وليكون الأمر مصداق ما ورد في الحديث النبوي الشريف ” لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، حتى لو دخل أحدهم جحر ضب لدخلتموه، فقالوا يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ فقال صلى الله عليه وسلم فمن إذن” وقد قال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع لأصحابه ” إنكم محشورون يوم القيامة حفاة عراة، وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول يا رب، أصحابي، فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم” وقيل فى رواية أخري “أنه حينما وصل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى سدرة المنتهى وأوحى إليه ربه يا محمد ارفع رأسك وسل تعط، قال يا رب إنك عذبت قوما بالخسف وقوما بالمسخ.
فماذا أنت فاعل بأمتي؟ قال الله تعالى أنزل عليهم رحمتين وأبدل سيئاتهم حسنات ومن دعاني أجبته ومن سألني أعطيته ومن توكل علي كفيته وأستر على العصاة منهم في الدنيا وأشفعك فيهم في الآخرة ولولا أن الحبيب يحب معاتبة حبيبه لما حاسبتهم، يا محمد إذا كنت أنا الرحيم, وأنت الشفيع، فكيف تضيع أمتك بين الرحيم والشفيع؟ وأنه لا يليق بمقام النبوة قول” ولولا أن الحبيب يحب معاتبه حبيبه لما حاسبتهم ” لأن ذلك يناقض القرآن الكريم في التأكيد على حساب العباد يوم القيامة على أعمالهم، فقال الله تعالى ” إن إلينا إيابهم، ثم إن علينا حسابهم ” وقال تعالى” أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون ” وقوله تعالى” يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بماعملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد” وقوله تعالى” أيحسب الإنسان أن يترك سدى “
فكل هذه تدل أن هناك غاية من خلق العباد هي التكليف والاختبار، ومن هنا تكون المحاسبة على هذا الاختبار والتكليف، بل من أسماء الله الحسنى هو الحسيب، ومن معاني الحسيب، أنه الحفيظ على أعمال عباده ، وأنه أحصى ذلك كله عنده في كتاب، ثم يحاسبهم على أعمالهم ويكون جزاؤكم بحسب ذلك من ثواب أوعقاب، إذن فالغاية من الحساب ليست معاتبة الحبيب لحبيبه بل الغاية هي مجازاتهم على ما أعمالهم في هذه الحياة الدنيا، وقد ورد هذا الأثر بألفاظ متقاربة في حديث موضوع، فيه محمد ابن علي المذكر قال في المغني أنه متهم تالف، وقال السيوطي وأخلق بهذا الحديث أن يكون من وضعه، وفي رواية أخرى في تذكرة الموضوعات للفتني قال وفي الذيل” ليلة أسري بي سألت الله عز وجل.
فقلت إلهي وسيدي اجعل حساب أمتي على يدي لئلا يطلع على عيوبهم أحد غيري فإذا النداء من العلي يا أحمد إنهم عبادي لا أحب أن أطلعك على عيوبهم فقلت إلهي وسيدي ومولاي المذنبون من أمتي فإذا النداء من العلي يا أحمد إذا كنت أنا الرحيم وكنت أنت الشفيع فأين تبين المذنبون فقلت حسبي حسبي ” وقال فيه محمد بن أيوب أنه كذب، وعلى ذلك فهذا الحديث لا أصل له وبعض فقراته وردت في حديث موضوع فيه كذب وآخر متهم تالف، لذلك فلا يحل نشره، وفي صحيح السنة من أحاديث المعراج ما يكفي والحمد لله، وإن الدرجة لهذا الحديث هو كذب، وأنه ليس بحديث.