الدكروري يكتب عن ليلة أنزل الله فيها القرآن بقلم / محمـــد الدكـــروري اليوم : الثلاثاء الموافق 26 مارس 2024
الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وإنتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين وحجة الله على الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد، ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي وكتب السيرة النبوية الشريفة الكثير والكثير عن شهر رمضان وعن أحكام الصيام في شهر رمضان وعن فضل قيام ليلة القدر.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على إدراكها ويبين لأمته كيف يكون التحري، وذلك بالاعتكاف والقيام كما روى أبوسعيد الخدري رضي الله عنه قال اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر الأول من رمضان واعتكفنا معه، فأتاه جبريل، فقال إن الذى تطلب أمامك، فاعتكف العشر الأوسط، فاعتكفنا معه، فأتاه جبريل فقال إن الذي تطلب أمامك، فقام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا صبيحة عشرين من رمضان، فقال “من كان اعتكف مع النبي صلى الله عليه وسلم، فليرجع، فإني أريت ليلة القدر، وإنى نسيتها، وإنها في العشر الأواخر، في وتر، وإني رأيت كأني أسجد في طين وماء” وكان سقف المسجد جريد النخل، قال أبوسعيد وما نرى في السماء شيئا، فجاءت قزعة، أى بمعنى سحابة، فأمطرنا،
فصلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم حتى رأيت أثر الطين والماء على جبهته وأرنبته تصديق رؤياه” وكان ذلك ليلة واحد وعشرين، وهو ميل الشافعي رحمه الله تعالى في تعيينها، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم أشد الناس بحثا عنها وتحريا لها، حتى أنهم تراءوها في منامهم، كما روى عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أرى رؤياكم قد تواطأت فى السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر” فإن ليلة القدر هي أفضل الليالي، وقد أنزل الله فيها القرآن، وأخبر سبحانه أنها خير من ألف شهر، وأنها مباركة، وأنه يفرق فيها كل أمر حكيم، وقيامها يكون بالصلاة والذكر والدعاء وقراءة القرآن وغير ذلك من وجوه الخير.
وقد دلت السورة العظيمة أن العمل فيها خير من العمل في ألف شهر مما سواها، وهذا فضل عظيم ورحمة من الله لعباده، فجدير بالمسلمين أن يعظموها وأن يحيوها بالعبادة، وقد أخبر النبى صلى الله عليه وسلم أنها في العشر الأواخر من رمضان، وأن أوتار العشر أرجى من غيرها، فقال صلى الله عليه وسلم “التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، التمسوها في كل وتر” وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذه الليلة متنقلة في العشر، وليست في ليلة معينة منها دائما، فقد تكون في ليلة إحدى وعشرين، وقد تكون في ليلة ثلاث وعشرين، وقد تكون في ليلة خمس وعشرين، وقد تكون في ليلة سبع وعشرين وهي أحرى الليالي، وقد تكون في تسع وعشرين، وقد تكون في الأشفاع، فمن قام ليالي العشر كلها إيمانا واحتسابا أدرك هذه الليلة بلا شك، وفاز بما وعد الله أهلها.