الدكروري يكتب عن أعظم ما يصاب به الإنسان بقلم / محمـــد الدكـــروري اليوم : الخميس الموافق 7 مارس 2024
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل الله فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد لقد حذرنا الإسلام من الكسل وإن من أعظم ما يصاب به الإنسان من الكسل أن يصاب فى عقله، أن يكسل عقله ولذا يقول شيخ الإسلام رحمه الله “إن البحث فى دقائق الأمور ومسائلها يفتق الذهن” فكلما كان الإنسان متقد الذهن محركا له فإن ذهنه يكون متقدا ويتفتق ويصبح أكثر قبولا لأية معلومة تأتيه، ولذا من أعظم نوعي الكسل أن يكسل عقل الإنسان، وكيف يكسل عقله؟ إذا أهمله ونحَّاه عن التفكر والتدبر فى آلاء الله تعالى، كما أن النوع الآخر وهو كسل البدن.
سبب من أسباب تأخر الأمم فى جميع شؤونها، ولذا لا ترون الأمة قد تأخرت إلا من أسباب كسل العقول وكسل الأبدان، والكسل صفة ذميمة، ارتقاها واصطبغ بها واتسم بها المنافقون، ولذا من أعظم ما يصاب به الإنسان من فوات الخير أن يكسل في أمور دينه ولذا قال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين “أثقل الصلاة على المنافقين صلاة الفجر وصلاة العشاء” فالصلوات كافة هي عليهم ثقيلة، لكن من أثقلها صلاة الفجر وصلاة العشاء، فيقول النبى الكريم صلى الله عليه وسلم “أثقل الصلاة على المنافقين صلاة الفجر وصلاة العشاء، ولو يعملون ما فيهما أى من الخير لأتوهما ولو حبوا” ثم انطلق النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، إلى صنف آخر من المسلمين ممن به بعض صفة المنافقين وهى صفة الكسل.
فقال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم “ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معى برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة” يعنى فى المساجد، هم يصلون فى البيوت ولكنهم لا يصلون فى المساجد، وهذا ناتج من الكسل” ثم أنطلق معى برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار” ولذا قال الله تعالى عن هؤلاء المنافقين، فى سورة النساء ” إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا” ويقول ابن عباس رضى الله عنهما مستدلا بهذه الآيات “إن على المسلم الراغب في إقامة الصلاة والإتيان إليها ألا يقوم إليها على هيئة وصفة الكسلان، وإن كان يريد القيام إليها وذلك حتى لا يتشبه بالمنافقين”
ولذا كان النبى صلى الله عليه وسلم كما ثبت في صحيح مسلم ” يستعيذ بالله سبحانه وتعالى من العجز والكسل” ويقول ابن القيم رحمه الله كما فى زاد المعاد يقول “إن العجز والكسل أحدهما قريب من الآخر” فيقول رحمه الله فيما يقول بتصرف “إن الإنسان ما يفوته من الخير إلا بسبب أمرين، إما إنه لا يقوى على هذا الأمر الخيِر، أو أنه يقوى عليه ولكنه لا يريده، فإن فاته هذا الخير بسبب عدم قدرته عليه فهذا هو العجز، وإن فاته هذا الخير ومعه قدرة على الإتيان به لكنه لا يريده فهو الكسل” فالإنسان لا يفوته أى خير من خيرى الدنيا والآخرة إلا وتجد أن سببه إما العجز وإما الكسل، ولذا الشيطان حريص على هذا الأمر، حريص على أن يثبط ابن آدم وأن يثقله عن العبادة.
ولذا فى الصحيحين من حديث أبى هريرة رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال “يعقد الشيطان على قافية أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، وإن توضأ انحلت عقدة، وإن صلى انحلت عقده، فأصبح نشيطا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان” وهذا ما تراه على البعض إذا استيقظ من نومه كأنه يحمل هموم الدنيا على رأسه، ما سببه؟ هو الكسل عن ذكر الله عز وجل، والكسل عن الإتيان إلى الصلاة.