الدكروري يكتب عن أيها الأب الكريم

بقلم / محمـــد الدكــروري
اليوم : الجمعة الموافق 5 يناير 2024
الحمد لله الكريم المنان المتفضل على عباده بأصناف النعم وأنواع الإحسان وأشهد الا اله الا الله وحده لا شريك له الملك الحق الديان وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي بعثه الله بالهدى والرحمة وصلاح القلوب والأبدان صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما أما بعد إن الأب هو السند الذي تعتمد عليه الأسرة في كثير من الأحيان، والأب هو الصديق الأول في حياة الأطفال، والمثال الأعلى في حياة الأولاد، وهو النموذج للصفات المرغوبة في زوج المستقبل بالنسبة إلى بناته، هو نهر الحنان الذي لا يجف، والعمود الفقري للأسرة الذي يوفر وجوده الكثير من الحماية للأولاد، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “رضا الرب في رضا الوالدين، وسخطه في سخطهما”
وقال صلى الله عليه وسلم ” الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه” وكما أن الأب يساعد زوجته في الاهتمام بأولادهما في تربيتهم وتعليمهم، وبناء الأخلاق الحسنة فيهم، يتحلى بسمات الأب المثالي، عندما يدخل السرور والبهجة على قلوب أسرته الصغيرة، ويحوّل البكاء إلى ضحك، ويحرص على مفاجأتهم من وقت إلى آخر، حتى ولو بشيء بسيط، ويشعر الأبناء بحب واهتمام والدهم عندما يقوم بالإجابة عن تساؤلاتهم باهتمام وعدم تذمّر وذلك لأن حب الأولاد لوالدهم يزداد بصورة أكبر وأكبر فيشعرون بالسعادة لحصولهم على معلومة جديدة تساعد على نمو عقولهم، ولكن بالمقابل قد أبتليت بعض الأسر بآباء حرموا أنفسهم لذة الإستمتاع بأولادهم، فأبدلوا الرحمة والرفق بقلب قاسي وظالم.
بقلب لا يعرف العطف والحنان، لا يستطيع التحكم في انفعالاته، وعند حصول أي مشكلة، سواء في البيت أو في العمل أو حتى في الشارع يصب غضبه على أولاده وأسرته صبّا، وهو سريع الغضب لا يرحم المخطئ، حتى ولو اعترف بخطئه، ولا يسامح المسيء حتى ولو اعتذر، ولا يترك أي خطأ صغيرا كان أو كبيرا دون نقد لاذع، ولا يتوانى عن ضرب ابنه بعنف وقد يطرده من البيت إذا ما نقصت درجاته في مادة ما بل ويضرب ابنته بالعصا والسوط لو قصرت في أمر ما، ومات ضميره، فهو لا يرحم صغيرا ولا كبيرا، ولا قريبا ولا بعيدا، وإذا خالف أحد رأيه، قد يبتعد عن أولاده ويقاطعهم أياما وشهورا، بل وسنين، فيا ألله على إنسان ضعيف مجبر على طاعة أبيه، وتحمل معاملته السيئة إنه شعور رهيب.
وأحاسيس متناقضة تجاه هذا الأب القاسي، فيا أيها الأب الكريم، تذكر أن الدنيا تدور وتتغير، اليوم أنت قوي، وغدا ستكون ضعيفا، فلا تحمل نفسك ما لا تطيق، واعلم أن الراحمين يرحمهم الله، وأن من يرحم من في الأرض يرحمه من في السماء، وأولى الناس برحمتك هم أهل بيتك وولدك وزوجتك، وأيها الأب الكريم، كيف تنتظر برّا من أولاد لأب تهرّب من مسؤولياته وواجباته بل كان سببا في تدمير مستقبلهم، بأي وجه يتقبلون أبا حرمهم من حضنه وعطفه وحنانه، جعلهم يقاسون اليتم مع أب حاضر، لكنه ظالم وقاس.