مقال

حقوق الأم الثلاثة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن حقوق الأم الثلاثة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد حثنا الإسلام علي التربية الأخلاقية للأبناء وإن من وسائل تربية الأولاد تعويدهم على فعل الخيرات، وأداء العبادات، ليعتادوا عليها منذ الصغر، كما إن المربي الناجح سواء كان يجب أن يكون قدوة صالحة في نفسه فكيف يرجو أن يطاع ويكون لتوجيهه أثر، وهو يخالف فعلُه قوله، فإن الأبناء يربطون بين توجيهات الوالد وتصرفاته، فإذا رأوه مثلا يسب ويلعن، أو يكذب في معاملاته، فهل سيقبلون منه إذا نهاهم عن ذلك؟ وإذا رأوه متكاسلا عن الصلاة فهل سيقبلون منه إذا أمرهم بالصلاة؟ وإذا رأوه مدخنا فهل سيقبلون منه عندما ينهاهم ويزجرهم عن شرب الدخان؟ ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله إذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء، ولهذا فإن من الحكم التي شرعت لأجلها صلاة النافلة في البيت.

حتى يتعلم الأولاد الصلاة عمليا من الوالدين، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبورا” رواه البخاري ومسلم، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده، فليجعل لبيته نصيبا من صلاته، فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرا” وكما أن استكثار الوالدين من الطاعات والاجتهاد في الخير من أقوى أسباب صلاح الأبناء، ودفع الشرور عنهم وحفظ الله تعالى لهم كما قال الله تعالى في سورة الكهف ” وكان أبوهما صالحا” وقال ابن المنكدر إن الله ليحفظ بالرجل الصالح ولده وولد ولده والدويرات التي حوله، فما يزالون في حفظ من الله وستر.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعتني بتعليم الصغار العقيدة ويربيهم على الإيمان، وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أبوك” رواه مسلم، وفي هذا عظم حق الأم على الوالد حيث جعل لها ثلاثة حقوق وذلك أنها صبرت على المشقة والتعب، ولاقت من الصعوبات في الحمل والوضع والفصال والرضاع، والحضانة والتربية الخاصة، ما لم يفعله الأب وجعل للأب، حقا واحدا مقابل نفقته وتربيته وتعليمه وما يتصل بذلك، فإن لأمك حق لو علمت كثير، كثيرك يا هذا لديه يسير، فكم ليلة باتت بثقلك تشتكى لها من جواها أنآت وزفير، وفى الوضع لا تدري عليها، مشقة منها الفؤاد يطير.

وكم غسلت عنك الأذى، وما حجرها إلا لديك سرير، وكم مرة جاعت وأعطتك قوتها، حنانا وإشفاقا وأنت صغير، وتفديك مما تشتكيه بنفسها، ومن ثديها شرب لديك نمير، فضيعتها لما أسنّت جهالة، وطال عليك الأمر وهو قصير، فآها لذي عقل ويتبع الهوى، وآها لأعمي القلب وهو بصير، فدونك فارغب في عميم دعائها، فأنت لما تدعو إليه فقير، فاللهم وفقنا لطاعة امهاتنا وابائنا، فكم حزنت لتفرح، وجاعت لتشبع، وبكت لتضحك، وسهرت لتنام، وتحملت الصعاب في سبيل راحتك، إذا فرحت فرحت، وإن حزنت حزن، إذا داهمك الهمّ فحياتها في غمّ، أملها أن تحيى سعيدا رضيا راضيا مرضيا، فإن الام المخلوق الضعيف الذى يعطى ولا يطلب أجرا، ويبذل ولا يأمل شكرا، هل سمعت عن مخلوق يحبك أكثر من ماله؟ لا، بل أكثر من دنياه، لا، بل أكثر من نفسه التي بين جنبيه، نعم يحبك أكثر من نفسه، إنها الأم، الأم وكفى، رمز الحنان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى