مقال

الدكروري يكتب عن التواضع في طلب العلم

جريدة الأضواء

/ محمـــد الدكـــروري

 

ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير عن الرجل الصالح الخضر عليه السلام، وقيل أنه أحيانا يقف الناس من الداعية موقف العداء، وقد لا يكو موقف العداء لمجرد العداء والشر في النفس، ولكن يقفون منها موقف العداء لجهلهم بها، لذلك يجب على الداعية أن يوضح دعوته للناس حتى لا يسبب العداوة منهم لدعوته، ويعني هذا أن بعض الناس يعادون ليس من أجل العداوة أو فيهم شر، وإنما يعادون لأنهم يجهلون حقيقة ما تدعوه إليه، لذلك لا بد من توضيح دعوتك، وكثير من الناس سبب صدودهم ومعاداتهم الجهل، ولذلك انظروا إلى الخضر عليه السلام لما كان هو ونبى الله موسى في السفينة، وجاء طائر فنقر في البحر، ماذا قال الخضر؟ قال يا موسى ما علمي وعلمك في علم الله إلا كما نقر العصفور في هذا البحر.

 

وهذا الكلام لا يصدر إلا عن رجل متواضع، وكذلك من التواضع في طلب العلم نسبة العلم إلى الله تعالى حتى لو استنبط إنسان استنباطا جيدا، وهذا القول ما سبقني إليه أحد من الناس، وأنا أول من كشفته، وأول من أصدرته، ولم أرى هذا الكلام لأحد في كتاب من قبل، ويرجع الفضل في هذا الاستنباط وهذا الكلام لله وحده، هو الذي وهب العقل، فأي شيء تستنبطه بعقلك أساسا ما أتيت به من عندك، يعني صاحب الفضل هو الله سبحانه وتعالى، فهو الذي أعطاك هذا العقل، كذلك لابد أن نعرف أن العلم أحيانا يكون بطريقة شديدة على النفس، ويكون على حساب مشاعر الإنسان وأحاسيسه، ويعني ذلك أنه أحيانا الإنسان إذا تعلم قضية قد يقف في شيء من الذلة، يعني موقف من الذل، لذلك أحيانا.

 

إنسان يخطئ ويقع في مزلة، فيأتي إنسان ويصحح له هذا الكلام قد يكون التصحيح برد على الملأ، يقول له هذا خطأ الذي ذكرت خطأ، وخصوصا إذا كان التصحيح لمصلحة شرعية، مثل أن الخطأ هذا أمام الناس، ولابد من إنكاره، الآن إذا تفرق الناس من يصلح لهم الخطأ، الإنكار هكذا أمام الناس على الملأ، قد يجعل الشخص الآخر المتكلم يجد في نفسه غضاضة، كيف يجرح شعوري أمام الناس؟ وكيف يخطئني أمام الناس؟ أو يرد عليه مثلا بكتاب، أو بمقال يرد على خطئه بمقال، وينتشر هذا المقال بين الناس، وهذا الكتاب بين الناس، الآن القضية شديدة على النفس، التصحيح صار على الملأ أمام الناس، التسفيه أمام الناس، ما هو الموقف الصحيح؟ فهل الموقف الصحيح أن يصدر هذا الإنسان ردا على ذلك الرد؟ ويدافع فيه عن نفسه بالباطل؟

 

وغرضه من هذا الرد إعادة الاعتبار إلى نفسه، وحتى يعني يظهر ويلمع صورته أمام الناس؟ وهل هذا هو المطلوب؟ كلا فإن الاعتراف بالحق فضيلة، لا بأس أن يقول في مقال آخر، والفضل لله تعالى ثم لفلان الذي نبهني إلى هذا الخطأ، والذي بصرني فيه، والذي وضح لي القضية، فبعض العلماء تجد هذا في كتبهم يقول وقد كنت برهة من الزمن أظن أن القضية كذا وكذا، وأن شرح الحديث الفلاني كذا وكذا حتى نبهني بعض صغار طلبة العلم إلى الموضوع، ويبين وهذا تواضع، أما أن يحملنا تخطئة الآخرين الصحيحة تبيان الصحيح، يحملنا على أن نسفه آراءهم، ونجحد فضلهم، ونقول نحن اكتشفنا هذا بأنفسنا، وأنا اكتشفت القضية من نفسي، وهو ما اكتشفها من نفسه، فهذا من المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور، فلابد أن يكون اتباع الشيخ، والعالم على حسب الشرع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى