
الخوف من الله
بقلم / هاجر الرفاعي
إن المسلم المسالم هو الذي يخاف الله ويعمل على ارضائه إن الخوف من الله تعالى من أجل العبادات، ومن أعظم القربات، فهو الذي يحول بينكم وبين محارم الله عز وجل ومعاصيه، فلِلَّه ما أعظمه، ولله ما أحوجنا إليه، ولله ما أحسن عاقبته في الدنيا والآخرة، إذ بالخوف ـ يا عباد الله ـ ينزع العبد عن المحرمات، وبه يقبل على الطاعات، فهو ـ والله ـ أصل كل فضيلة، وباعث كل قربة.
*فما الذي أقض مضاجع الصالحين فكانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون….
**وما الذي أجرى من خشية الله عز وجل الدموع وأسكن في القلب الهيبة لله عز وجل والخشوع…
**فكم أطلق الخوف من سجين في لذته كانت قد استحكمت عليه سكرته وكم فك من أسير للهوى ضاعت فيه همته وكم أيقظ من غافل التحف بلحاف شهوته وكم عاق لوالديه رده الخوف عن معصيته، وكم من فاجر في لهوه قد أيقظه الخوف من رقدته، وكم من عابدٍ لله قد بكى من خشيته وكم من منيب إلى الله قطع الخوف مهجته وكم من مسافر إلى الله رافقه الخوف في رحلته وكم من محبٍّ لله ارتوت الأرض من دمعته، فلله ما أعظم الخوف لمن عرف عظيم منزلته..
إنها الخصلة التي ما تمكنت من قلب عبد إلا قادته إلى الله وعلقته بالله جل في علاه..إنها الخصلة التي عمر الله بها قلوب الأخيار فهذبت أخلاقهم وقومت أفعالهم وسلوكهم،فوالله ما هذب المؤمن شيء أجل وأكرم من الخوف من الله،فلن تجد إنسانا يخاف الله إلا وجدته أعف الناس لسانا وأصدقهم كلاما وبيانا وأحفظهم لحدود الله عز وجل في قوله وفعله،ولن تجد إنسانا جريئا على محارم الله
وحدود الله إلا وجدته ناقص الخوف من الله. إن الخوف من الله تعالى هو من أخص صفات عباد الله المتقين وأوليائه المحسنين، قال الله تعالى:”إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا” قال الإمام الطبري رحمه الله: “المؤمن هو الذي إذا ذكر الله وجِل قلبه، وانقاد لأمره، وخضع لذكره، خوفًا منه، وفَرَقًا من عذابه”. الخوف من الله عبادة قلبية عظيمة لا تصدر إلا من مؤمن صادق الإيمان، فلذلك كانت له المنزلة العالية والفضيلة العظيمة عند الله عز وجل. فما هو تعريف الخوف وما هي حقيقته؟
تعريف الخوف: أما الخوف فهو من مادة:خوف التي تدل على الذعر والفزع في اللغة العربية.
أما في الشرع:قال ابن قُدامة: اعلم : أن الخوف عبارة عن تألم القلب واحتراقه بسبب توقع مكروه الاستقبال .وقيل: أن يترقب العقوبة و يتجنب عيوبه، و قيل انزعاج السريرة لما عمل من الجريرة).
*ولنعلم جميعا أن هذه النفس التي جبلت على حب الشهوات لن تستقيم لنا على طريق الله وطاعته إلا إذا سقناها بعصا الخوف من الله.
*قال ابن قدامة: (أن الخوف سوط الله يسوق الله به عباده إلى المواظبة على العلم والعمل لينالوا بهما رتبة القرب من الله عز وجل، والخوف سراج القلوب به يبصر ما فيه من الخير والشر))
قال الفضيل بن عياض: من خاف الله دله الخوف على كل خير،وكل قلب ليس فيه خوف الله، فهو قلب خراب.
قال عمر بن مسلمة الحداد : الخوف سراج القلب به يبصر ما فيه من الخير و الشر، وكل أحد إذا خفته هربت منه، إلا الله عز جلّ فإنك إذا خفته هربت إليه.
قال ذو النون: الناس على الطريق ما لم يَزُل عنهم الخوف، فإذا زال عنهم الخوف ضلّوا الطريق.وقال أبو سليمان الداراني: “ما فارق الخوف قلبًا إلا خرب”.وعن إبراهيم بن شيبان قال: الخوف إذا سكن القلب أحرق مواضع الشهوات فيه، وطرد منه رغبة الدنيا، وأسكت اللسان عن ذكر الدنيا.
قال ابن القيم رحمه الله: “ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة الخوف، وهى من أجل منازل الطريق وأنفعها للقلب، وهي فرض على كل أحد”.
وقال أيضاً: “القلب في سيره إلى الله عز وجل بمنزلة الطائر؛ فالمحبة رأسه، والخوف والرجاء جناحاه؛ فمتى سلم الرأس والجناحان؛ فالطائر جيد الطيران، ومتى قطع الرأس؛ مات الطائر، ومتى فقد الجناحان؛ فهو عرضة لكل صائد وكاسر.