مقال

الدكروري يكتب عن الأخلاق والكرم

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الأخلاق والكرم

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن من الأعمال التي تقرب العبد المسلم إلى الله سبحانه وتعالي هو إفشاء السلام، وكما هو سبب لدخول الجنة حيث جعل الله عز وجل إفشاء السلام بين الناس من أسباب دخول الجنة وهي دار السلام والوقاية من النار، وإن من مكارم الأخلاق هو الكرم وهو صفة ترتبط بقوة التوكل والإيمان والتقوى، ويأتي دافع الكرم من كرم النفس، ويأتي تطبيقه في الحياة في عدة نواحى، منها الكرم بالنفس، كأن يجود المسلم بنفسه في ساحة القتال، وأيضا الكرم بالمال، وأعظم ما يكون عند الفقر والحاجة، وأيضا الكرم في إعطاء الناس مسألتهم وعدم ردهم دون قضاء حاجتهم، وإن هناك صور تتنافى مع السماحة، وهى كثرة الخصومات وإن مما يتنافى مع السماحة الانزلاق إلى اللدد والخصومة، إذ كما يحب الله السماحة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” فإن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم ” رواه البخاري.

قال في الفتح الألدّ الكذاب، وكأنه أراد أن من يكثر المخاصمة، أنه يقع في الكذب كثيرا، وحين يفتقد المرء السماحة تجده ينحدر في أخلاقه، إلى أن ينجرف إلى التصايح والجدل لأمر يعلم بطلانه، أو وقوفا على طرف لا يدري مدى أحقيته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع عنه” رواه أبي داود، وقد قيل في المثل ما استرسل كريم قط، وأيضا من الصور التى تتنافى مع خلق السماحه هو كثرة الجدل فإن خلق السماحة يقتضي من صاحبه المبادرة إلى التنازل عند الوقوع في أي موقف جدلي، ولنتذكر دائما أن العلم بميقات ليلة القدر خير كبير حرمت منه الأمة بسبب انعدام روح السماحة بين رجلين من الأمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرُفعت” رواه البخاري.

وكم تحرم الأمة من البركات والنعم والنصر حين تدب الخصومات، بل إن صفة أساسية من أخلاقيات المنافق أنه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” وإذا خاصم فجر” رواه البخارى، ولا يليق بالرجل السمح أن يتعنت ويجادل ويشد ويصيح، ناهيك عن أن يفجر في الخصومة والجور هو الميل عن الحق والاحتيال في رده، وإنه مما يتنافى مع روح السماحة أن يقع الإخوة في جدالات تافهة لأمور سياسية، أو قضايا فكرية، أو توقعات غيبية ، ثم تجدهم ينفضّون متباغضين وما كانت البداية إلا روح الجدل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أُوتوا الجدل ” رواه ابن ماجه، ولحث المسلمين على السماحة في الحوار، والتنازل عند الاختلاف، وعدم الوقوع في مغبة الجدل، فقد تعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيت في الجنة لمن تنازل. 

فقال صلى الله عليه وسلم ” أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا” رواه أبي داود، ولا يمكن أن يكون سماحة وتنازلا إلا حين يكوم محقا، وإنه لعسير، وإن أجره لكبير، وكذلك من الصفات التى تتنافى مع خلق السماحه هو، كثرة اللغو وإن من نتائج انعدام روح السماحة أن تغدر أمتنا تتبارى بألسنتها، فتنقلب إلى أمة كلام بدل أن تكون أمة عمل، وتضيع الأوقات في الشد والجذب والأخذ والرد، وكل يناصر رأيه، وإن مما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته هو كما قال صلى الله عليه وسلم “منعا وهات” ومما كره لهم هو ” قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال” رواه البخاري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى