مقال

الدكروري يكتب عن الأخلاق في حياة المسلمين

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الأخلاق في حياة المسلمين

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الإسلام قد ارتبطت جوانبه برباط أخلاقي لتحقيق غاية أخلاقية، وهو الأمر الذي يؤكد أن الأخلاق هي روح الإسلام وأن النظام التشريعي الإسلامي هو كيان مجسد لهذه الروح الأخلاقية وأن الخلق نوعان، خلق حسن وهو الأدب والفضيلة، وتنتج عنه أقوال وأفعال جميلة عقلا وشرعا، وخلق سيئ وهو سوء الأدب والرذيلة، وتنتج عنه أقوال وأفعال قبيحة عقلا وشرعا، وحسن الخلق من أكثر الوسائل وأفضلها إيصالا للمرء للفوز بمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم والظفر بقربه يوم القيامة حيث يقول ” إن أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا” رواه الترمذي، ولقد كانت الأخلاق في حياة المسلمين سببا رئيسا لعزتهم وقوتهم ومنعتهم وسعادتهم، فعاشوا فيما بينهم حياة يسودها الحب والتعاون والاحترام المتبادل.

 

فأسسوا حضارة بهرت العالم، وذلك لأن أي حضارة لا تقوم إلا على دعامتين أساسيتين، وهما علمية وأخلاقية، وأما العلمية فهى تنتج التطور والازدهار والرقي السياسي والاقتصادي والعلمي والاجتماعي، وأما الأخلاقية ينتج عنها الأمانة والإخلاص والإتقان والشعور بالمسؤولية وتقديم النفع وحب الخير، فإذا ما ذهبت هاتان الدعامتان أو إحداهما انهارت الحضارات وتفككت المجتمعات وحلّ البلاء بأهلها، وعندما جاء الإسلام، وهو خاتم كل الأديان، وآخر حلقاتها الموصولة، وكان ضروريا أن يكون عالميا، لأنه كلمة الله الخاتمة، وحجته البالغة إلى يوم القيامة، ولأن طبيعة مبادئه تتجه إلى العدل المطلق، والرحمة المطلقة، وإنقاذ الناس كل الناس، وإن من مقومات نهضة الأمم والمجتمعات.

 

ودعائم تشييد الأمجاد والحضارات، تكمن في العناية بقضية غاية في الأهمية،هى قضية هي أساس البناء الحضاري، ومسيرة الإصلاح الاجتماعي، إنها قضية القيم الأخلاقية، والآداب المرعية، والأذواق الراقية العلية، فالأخلاق والقيم في كل أمة هو عنوان مجدها، ورمز سعادتها، وتاج كرامتها، وشعار عزها وسيادتها، وسر نصرها وقوتها، وإن قضية القيم المزهرة، والشيم الأخاذة المبهرة، التي أعتقت الإنسان من طيشه وغروره إلى مدارات الحق ونوره، ومن أوهاق جهله وشروره، إلى علياء ذكائه وحبوره لهي جديرة بالتذكير والعناية، والاهتمام والرعاية، وأن الإسلام وحده إياه، لا غيره ولا سواه، هو موئل القيم والفضائل والشمائل، فكانت مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب ومعالي القيم من أسمى وأنبل ما دعا إليه الإسلام.

 

فقد تميّز بنظام أخلاقي فريد لم ولن يصل إليه نظام بشري أبدا، وقد سبق الإسلام بذلك نظم البشر كلها، وذلك لأن الروح الأخلاقية في هذا الدين منبثقة من جوهر العقيدة الصافية، ولقد بلغ من عظم ومكانة الأخلاق في الإسلام أن حصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، مهمة بعثته وغاية دعوته في كلمة عظيمة وهى الأخلاق، وإن أزمتنا اليوم هى أزمة أخلاق، وممارستها على أرض الواقع وتعبد الله تعالى بها، فالكثير يصلون ويصومون ويقرؤون القرآن الكريم ويدّعون الإسلام ويملؤون المساجد ثم يخرجون للتقاتل والتنازع والتحاسد فيما بينهم، ويقوم الكثير بالشعائر دون خشوع وتدبر، ودون استشعار لعظمة الله تعالى، فتسوء أخلاقهم وسلوكياتهم في البيت والسوق وفي الوظيفة ومع الجيران.

 

وفى كل مكان، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم “ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق، وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة” رواه الترمذي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى