مقال

الدكروري يكتب عن الإيمان بلقاء الله

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإيمان بلقاء الله

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الجنة يدخلها النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم أولا، ثم فقراء المهاجرين، ثم فقراء الإنصار، ثم فقراء الأمة، وأما الأغنياء فيؤخرهم الله تعالى للحساب الذي بينهم وبين الناس، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” أول من يدخل الجنة من خلقِ الله، الفقراء المهاجرون الذين تسد بهم الثغور، وتتَقى بهم المكاره، ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء” وكما إن ليوم القيامة العلامات الصغرى هي العلامات التي تحدث قبل قيام الساعة بأوقات وأزمان بعيدة، وتكون من الأمور المعتادة والكثيرة، ومنها قبض العلم والتطاول في البنيان وغيرها من العلامات الصغرى، وقسمت العلامات الصغرى إلى علامات ظهرت وانتهت، وعلامات ظهرت وما زال ظهورها مستمرا.

 

وعلامات لم تظهر، وإن من بلغ به الإيمان بلقاء الله حد اليقين اعتبر بما حصل للأمم السابقة من العذاب، كقوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وذلك لعلمه بأن الله من ورائهم محيط، وقد أخذهم علي حالهم لينالوا كمال العقوبة في الآخرة، فكان ذلك الآخذ آية مشاهده دالة على لزوم محاسبة الناس على أعمالهم، فيقول الله تعالي ” إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود” وقد كان المشركون من أهل مكة يمرون على ديار من أخذوا بالعذاب كقوم لوط فلا يتأثرون لعدم رجائهم للآخرة فانعدم الخوف من نفوسهم فلم يعتبروا بمرورهم ذلك كما قال الله ” ولقد أتوا علي القرية التي أمطرت مطر السوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا”

 

ولهذا كان الخوف من لقاء الله مادة كل خير، والأمان من غضب الله مادة كل شر، وكما إن من أسباب دفع العقوبات هو الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر حيث يقول تعالي ” فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون” وكما إن من أسباب دفع العقوبات هو رفع الظلم، ونشر العدل، وإعطاء الحقوق إلى أهلها، وجاء في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قول الحق سبحانه وتعالي من سورة هود ” وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القري وهي ظالمة إن أخذخ أليم شديد” والأمم الماضية كانت تمارس أنواعا من الظلم.

 

أعظمها وأخطرها هو الشرك بالله عز وجل فأهلكهم الله بظلمهم، وكما إن من أسباب دفع العقوبات هو وحدة الصف والكلمة، وعدم التفرق والتشرذم بل إن الفرقة والتنازع هي عقوبة في ذاتها، فلنكن مع بعضنا كالبنيان المرصوص، ولنعمل بوصية ربنا حيث قال تعالي ” واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا” والله سبحانه قد نهانا عن التفرق، وبين لنا أنه منهج الضالين من الأمم، وبين أنه سبب عظيم للضعف وتسلط الأعداء، فقال سبحانه في سورة الأنفال ” وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهي ريحكم” وكما إن من أسباب دفع العقوبات هو عدم الغرور والعجب، والتفاخر، والتكبر، والتعالي على الخلق فإن الله سبحانه وتعالي أنزل عقوبة بأفضل الخلق بعد الأنبياء.

 

وهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين بسبب عجبهم بكثرتهم، فقال عز وجل في سورة التوبة ” لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم من الله شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين” وهذا قارون أهلكه الله وهو في أبهة مجده، وفي قمة غطرسته، وأنزل الله سخطه بقوم عاد لأنهم اغتروا وتكبروا بقوتهم، ونسوا أن الذي أعطاهم القوة هو القوي العزيز سبحانه، وإن لمظاهر العقاب على الفرد لآثارا واضحة وثمارا طيبة، لا بد أن تظهر في قلب العبد وعلى لسانه وجوارحه، وفي حياته كلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى