مقال

الدكروري يكتب عن الشرع سيد الجميع

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الشرع سيد الجميع

بقلم / محمــــد الدكـــروري

 

إن الشرع سيد الجميع، فما أحلّ الله تعالي لشريعته فهو حلال، وما حرم فهو حرام، فالسرقة مثلا، فإن السارق يعاقب أكان مسلما أم غير مسلم، والمسروق منه أكان مسلما أم غير مسلم، يعاقب السارق، فالسارق أو المسروق مسلم أم غير مسلم الحكم واحد، لذلك فى الحديث عن السيدة عائشه رضى عنها قالت، قال النبى صلى الله عليه وسلم “والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها، إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم إذا كانوا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد” رواه البخارى، فهذا كان سبب هلاك الأقوام السابقة، ولكن الإسلام هو سواسية مطلقة، فقال تعالى فى سورة المائدة ” ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا” وإن الآية تخاطب المؤمنين، ولكن من هم أعداء المؤمنين؟ فهم الكفار، والمعنى هو يا أيها المؤمنون لا يحملنكم بغضكم للكفار على أن تظلموهم، إعدلوا هو أقرب للتقوى.

 

إن عدلتم معهم كنتم أنتم أقرب إليّ، إعدلوا هو أقرب للتقوى، لكن اليهود كما تعلمون يحرمون أشياء على ملتهم، ويحلون أشياء على غير ملتهم، في الإسلام الحرام حرام على كل الناس، وعلى كل الأجناس، وفي كل مكان، وفي كل زمان، وفى كل المستويات، استثناءات لا يوجد أبدا، هذا هو الدين، فإن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه ألم يقل لجبلة بن الأيهم، أرضِ الفتى، لابد من إرضائه، مازال ظفرك عالقا بدمائه أو يهشمن الآن أنفك، وتنال ما فعلته كفك، فقال كيف ذلك يا أمير؟ هو سوقة وأنا عرش وتاج ؟ كيف ترضى أن يخر النجم أرضا؟ فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه، نزوات الجاهلية، ورياح العنجهية قد دفناها، أقمنا فوقها صرحا جديدا، وتساوى الناس أحرارا لدينا وعبيدا، فقال جبلة كان وهما ما جرى في خلدي أننى عندك أقوى وأعز، أنا مرتد إذا أكرهتني، فقال عمر بن الخطاب عالم نبنيه.

 

كل صدع فيه يداوى، وأعز الناس بالعبد بالصعلوك تساوى، وهذا هو الإسلام سواسية مطلقة، وكذلك فإن الحرام حرام على كل الأشخاص، والله عز وجل وصف خلاف هذه الحالة عند اليهود، فقال تعالى فى سورة آل عمران “ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا فى الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون” فأى إنسان غير اليهود، وأنت كمسلم جاءك شخص غير مسلم يخطر ببالك ولو لثانية واحدة أن تأخذ منه أجرة مضاعفة أو تضحك عليه؟ فإن فعلت هذا تكون لا تفقه في الدين شيئا، بالعكس ربما كان عقابك عند الله أشد لأنه كافر، لأن لو عنده اعتقاد بسيط بالدين نفرته منه، فيقول هكذا عمل معي المسلم، لذلك الحرام حرام على كل الأشخاص، فلا يوجد فيه استثناءات أقوام، أو فئات، أو طبقات، أو طوائف، أو عصور، أو أزمنة.

 

 

أو رجال دين، فإن الحرام حرام، وإن صاحب أكبر كتاب في تاريخ الحضارة يقول إن كل الجماعات البشرية تقريبا تكاد تتفق في عقيدة كل منها بأن سائر الجماعات أحط منها نظرة بدائية متخلفة تفتقر إلى المنطق والواقع، كل فئة تقول نحن أفضل الناس، وعلى سبيل المثال تجد القبائل الهندية في أمريكا تقول الناس نحن ولا ناس سوانا، نحن فقط، وكل إنسان أفقه ضيق، يتوهم أنه سيد المخلوقات وما سواه لا شيء، وإن هذا كله الإسلام رفضه رفضا قاطعا، وقال بأن الناس سواسية كأسنان المشط، وبقي من القواعد فى الحلال والحرام هو إن اتقاء الشبهات سبيل لاتقاء الحرمات، فإذا وقع الإنسان في شبهة كان إلى ما استبان من الحرام أوقع، وإن ترك الشبهة كان إلى ما استبان من الحرام أترك، فأنت حين تدع الشبهات فقد جعلت بينك وبين الحرام سياجا، فالكل يعلم أن الحلال بين والحرام بين، وأنه ليس في الحلال البين ولا الحرام البين مشكلة.

 

ولكن المشكلة في هذه المنطقة بين الحلال البين والحرام البين، وهذه الشبهات، فالشبهات لا يعلمها كثير من الناس، وهل معنى هذا الكلام أن الكل لا يعلمها؟ لا،لا يعلمها عامة الناس لكن الله عز وجل اختص أهل الذكر بمعرفتها، فقال تعالى فى سورة النحل ” فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون” فالشبهات مجهولة عند عوام الناس، لذلك قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه البخارى عن النعمان بن بشير رضى الله عنهما ” الحلال بيّن والحرام بيّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يدرى كثير من الناس، أمن الحلال هى أم من الحرام، فمن تركها استبراء لدينه وعرضه، فقد سلم، ومن واقع شيئا منها يوشك أن يواقع الحرام” فأحيانا نجد في قضية شرعية دليلا يمكن أن يجعلها حلالا، وهناك دليل بقوته يمكن أن يجعلها حراما، ماذا تفعل أنت؟ الأحوط تركها، لأن هناك دليلا يجعلها حلالا، ودليلا آخر يجعلها حراما، فالأكمل أن تدعها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى