مقال

الدكروري يكتب عن الإمام السعدي ” جزء 4″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام السعدي ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الرابع مع الإمام السعدي، وكما أشرف على المعهد العلمي بعنيزة عام ألف وثلاثمائة وثلاث وسبعين من الهجرة، وإنه لدعم كبير لطلاب المعهد، وتشجيع لهم أن يتولى الشيخ الإشراف عليه لأن ذلك سيوثق العلاقة بينهم وبينه، وسيمكنهم من عرض أي مشكلة تواجههم عليه، ويقول الشيخ عبد الرحمن العدوي أحد المدرسين في المعهد خلال هذه الفترة وبدأت الدراسة في المعهد العلمي بعنيزة في شهر ربيع الثاني من عام ألف وثلاثمائة وثلاث وسبعين من الهجرة، وفي نفس الوقت بلغنا أن الشيخ عبد الرحمن السعدي قد عُين مشرفا على المعهد من الناحية العلمية، وكان تعيينه براتب شهري قدره ألف ريال، وكتب عنه أحد تلاميذه فقال هو الشيخ أبو عبد الله عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن ناصر آل سعدي من قبيلة تميم، ولد في بلدة عنيزة في القصيم.

 

وذلك بتاريخ الثاني عشر من محرم عام ألف وثلاثمائة وسبع من الهجرة النبوية، وتوفيت أمه وله أربع سنين، وتوفي والده وله سبع سنين فتربى يتيما ولكنه نشأ نشأة حسنة وكان قد استرعى الأنظار منذ جداثة سنه بذكائه ورغبته الشديدة في العلوم وقد قرأ القرآن بعد وفاة والده ثم حفظه عن ظهر قلب وأتقنه وعمره أحد عشر سنة، ثم اشتغل في التعلم على علماء بلده وعلى من قدم بلده من العلماء فاجتهد وجد حتى نال الحظ الأوفر من كل فن من فنون العلم ولما بلغ من العمر ثلاثا وعشرين سنة جلس للتدريس فكان يتعلم ويعلم ويقضي جميع أوقاته في ذلك حتى أنه في عام ألف وثلاثمائة وخمسين صار التدريس ببلده راجعا إليه ومعول جميع الطلبة في التعلم عليه، وكان الشيخ السعدي ذا معرفة تامة في الفقه أصوله وفروعه، وفي أول أمره حيث متمسكا بالمذهب الحنبلي تبعا لمشائخه.

 

وحفظ بعض المتون من ذلك وكان له مصنف في أول أمره في الفقه، ونظم رجز نحو أربعمائة بيت وشرحه شرحا مختصرا، ولكنه لم يرغب ظهوره لأنه على ما يعتقده أولا، وكان أعظم اشتغاله وانتفاعه بكتب شيخ الإسلام ابن تيميه وتلميذه ابن القيم وحصل له خير كثير بسببهما في علم الأصول والتوحيد والتفسير والفقه وغيرها من العلوم النافعة وبسبب استنارته بكتب الشيخين المذكورين صار لا يتقيد بالمذهب الحنبلي بل يرجح ما ترجح عنده بالدليل الشرعي ولا يطعن في علماء المذاهب كبعض المتهوسين، وله اليد الطولى في التفسير إذ قرأ عدة تفاسير وبرع فيه وألف تفسيرا جليلا في عدة مجلدات، فسره بالبديهة من غير أن يكون عنده وقت التصنيف كتاب تفسير ولا غيره، ودائما يقرأ والتلاميذ في القرآن الكريم ويفسره ارتجالا ويستطرد ويبين من معاني القرآن وفوائده.

 

ويستنبط منه الفوائد البديعة والمعاني الجليلة، حتى أن سامعه يود أن لا يسكت لفصاحته وجزالة لفظه وتوسعه في سياق الأدلة والقصص ومن اجتمع به وقرأ عليه وبحث معه عرف مكانته في المعلومات كذلك من قرأ مصنفاته وفتاويه، وكان غاية قصده من التصنيف هو نشر العلم والدعوة إلى الحق ولهذا يؤلف ويكتب ويطبع ما يقدر عليه من مؤلفاته لا ينال منها عرضا زائلا، أو يستفيد منها عرض الدنيا، بل يوزعها مجانا ليعم النفع، وقد أصيب الإمام السعدي في عام ألف وثلاثمائة وواحد وسبعين من الهجرة، بمرض ضغط الدم وضيق الشرايين، وتوفي عن عمر ناهز تسع وستين عاما في خدمة العلم، وادركتهُ الوفاة قرب طلوع الفجر من يوم الخميس الموافق الثاني والعشرين من شهر جمادى الآخرة عام ألف وثلاثمائة وست وسبعين من الهجرة، في مدينة عنيزة في القصيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى