
الدكرورى يكتب عن هيا نستقبل رمضان ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الخامس مع هيا نستقبل رمضان، وعلينا أن نتخلق بأخلاق الصائم النموذجي، ونعتبره سُلم الرقي إلى أعلى درجات الكمال، كما ولا بد وأن ننظر إلى شهر رمضان المبارك بإعتباره فرصة فريدة لا بد من إغتنامها بصورة جيدة، ومما يساعد الإنسان على إغتنام الفرص الرمضانية المباركة هو الإصغاء إلى خطبة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والتدبر في بنودها فهي تحتوى على دروس مهمة جدا، فإن هذا الضيف القادم علينا ضيف عظيم مبارك، فينبغي علينا أن نستقبله أعظم الاستقبال، واستقباله اللائق به يكون بأمرين مهمين أولا هو تجديد الحياة وتغييرها وتطهيرها حتى تصلح لاستقبال هذا الضيف العظيم الاستقبال اللائق به، وإنما تجدد الحياة بفتح صفحة جديدة نقية، صفحة طاهرة نظيفة، ولا يكون ذلك إلا بالتوبة، التوبة النصوح.
وهي التوبة إلى الله تعالى، بالرجوع إليه، وإلى شرعه المطهر، بإصلاح حياتنا وبرامجنا لتتوافق مع شريعة الله تعالى في كل منحى من مناحي حياتنا، بمجانبة كل ما يباعدنا عن الله، ولقد قسّم الله تعالى الناس إلى قسمين لا ثالث لهما، فقال تعالى فى سورة الحجرات ” ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون” وقال الإمام ابن القيم رحمه الله، قسّم العباد إلى تائب وظالم، وما ثَم قسم ثالث البته، وأوقَع اسم الظالم على من لم يتب، ولا أظلم منه لجهله بربه وبحقه وبعيب نفسه وآفات أعماله، فإن علينا أن نجعل حياتنا في رمضان إيمانية بحق، نصلح حياتنا كلها ونجددها ونصفيها من كل الشوائب، فإن شهر رمضان مصفاة تربوية، لن تجد نفسك أحسن ولا أفضل ولا أقرب إلى الله تعالى منها فى رمضان، فإن كل أسباب التقوى مجتمعة فيه، ونفسك مقبلة على الله، فلا تتردد أبدا فى تصفية نفسك.
وتنقيتها، وغسلها من كل الشوائب التى علقت بها في جميع الشهور السابقة، ويحدثنا ابن عباس رضي الله عنهما،عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيما يروى عن ربه عز وجل قال”إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بيّن ذلك فمن همّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها وعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة” رواه البخاري ومسلم، ومما ينبغي الاستعداد به لشهر الصيام المحافظة على الصيام مِن أن ينقص أجره، فهذا أبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه يحدثنا أن النبى صلى الله عليه وسلم قال “والصوم جُنّه ما لم يخرقها” رواه أحمد والنسائي وغيرهما، وخرق الصيام يكون بارتكاب المعاصى.
وقد قالت السيدة حفصة بنت سيرين رحمها الله، الصيام جُنة ما لم يخرقها صاحبها، وخرقها الغيبة، وروى طليق بن قيس أن أبا ذر الغفارى رضى الله عنه قال إذا صمت فتحفظ ما استطعت، فكان طليق بن قيس رحمه الله إذا كان يوم صومه دخل فلم يخرج إلا لصلاة، وعن أبي المتوكل أن أبا هريرة رضى الله عنه وأصحابه كانوا إذا صاموا جلسوا في المسجد، ورُوي عن عمر رضى الله عنه أنه قال “ليس الصيام من الطعام والشراب وحده، ولكنه من الكذب والباطل واللغو والحلف” ورُوى عن الإمام علي رضي الله عنه” إن الصيام ليس من الطعام والشراب، ولكن من الكذب والباطل واللغو” وقال ميمون بن مهران رحمه الله” أهون الصوم ترك الطعام والشراب” وقال مجاهد رحمه الله” خصلتان من حفظهما سلم له صومه، الغيبة والكذب”
ويحدثنا أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “قال الله كل عمل ابنِ آدم له إلا الصيام، فإنه لى، وأنا أجزى به، والصيام جُنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم، والذى نفس محمد بيده لخلوف فم الصائمِ أطيب عند الله من ريح المسك للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه” رواه البخارى ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم يقول: “رُب قائم حظه من قيامه السهر ورُب صائم حظه من صيامه الجوع” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “كل عمل ابنِ آدم يضاعف، الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل، إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزى به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، وللصائم فرحتان، فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك”.