مقال

شهر التدريب والتأهيل التربوي

جريدة الأضواء المصرية

شهر التدريب والتأهيل التربوي
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى وأشهد أن لا إله إلا الله أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، لا تحصى نعمه عدا ولا نطيق لها شكرا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى والخليل المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن على النهج اقتفى وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد إن أهل المعازف والغناء لهم عند الموت كربة وبلاء، فقد ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله أن رجلا من أهل الغناء والمعازف حضرته الوفاة فلما اشتد به نزع روحه، قيل له قل لا إله إلا الله فجعل يردد أبياتا من الغناء، فأعادوا عليه التلقين قل لا إله إلا الله فجعل يردد الألحان ويقول تنتنا، تنتنا، حتى خرجت روحه من جسده وهو إنما يلحّن ويغني، أما أهل الجريمة الكبرى والداهية العظمى فهم أنصار الشيطان وأعداء الرحمن، وخصوم المؤمنين وإخوان الكافرين الذين يحشرون مع فرعون وهامان.

ويتقلبون معهم في النيران، هم تاركو الصلاة، وبين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة، وحالهم عند الموت وبعده أدهى وأفظع، فقد ذكر ابن القيم أن أحد المحتضرين كان صاحب معاص وتفريط فلم يلبث أن نزل به الموت ففزع من حوله إليه وانطرحوا بين يديه وأخذوا يذكرونه بالله ويلقنونه لا إله إلا الله وهو يدافع عبراته، فلما بدأت روحه تنزع صاح بأعلى صوته وقال أقول لا إله إلا الله، وما تنفعني لا إله إلا الله ؟ وما أعلم أني صليت لله صلاة ثم مات، فهذا هو الموت أول طريق الآخرة وما بعده أفظع وأكبر، واعلموا يرحمكم الله إن شهر شعبان هو شهر التدريب والتأهيل التربوي والرباني يقبل عليه المسلم ليكون مؤهلا للطاعة في رمضان، فيقرأ في شهر شعبان كل ما يخص شهر رمضان ووسائل إغتنامه، ويجهّز برنامجه في رمضان ويجدول مهامه الخيرية.

فيجعل من شهر شعبان دورة تأهيلية لرمضان، فيحرص فيها على الإكثار من قراءة القرآن والصوم وسائر العبادات، ويجعل هذا الشهر الذي يغفل عنه كثير من الناس بمثابة دفعة قوية وحركة تأهيلية لمزيد من الطاعة والخير في رمضان، فهو دورة تأهيلية لصيام رمضان حتى لا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام وإعتاده، ووجد في صيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط، وحتى يتحقق هذا الأمر فهذا برنامج تأهيلي تربوي يقوم به المسلم في شهر شعبان إستعدادا لشهر رمضان المبارك، وهو التهيئة الإيمانية التعبدية، حيث التوبة الصادقة أولا والإقلاع عن الذنوب والمعاصي وترك المنكرات، والإقبال على الله تعالي.

وفتح صفحة جديدة بيضاء نقية، الإكثار من الدعاء “اللهم بلغنا رمضان ” فهو من أقوى صور الإعانة على التهيئة الإيمانية والروحية، وكذلك الإكثار من الصوم في شعبان هو تربية للنفس واستعدادا للقدوم المبارك، ويفضّل أن يكون الصوم على إحدى صورتين إما صوم النصف الأول من شعبان كاملا، وإما صوم الإثنين والخميس من كل أسبوع مع صوم الأيام البيض، وكذلك العيش في رحاب القرآن الكريم، والتهيئة لتحقيق المعايشة الكاملة في رمضان وذلك من خلال تجاوز حد التلاوة في شعبان لأكثر من جزء في اليوم والليلة، مع وجود جلسات تدبر ومعايشة القرآن الكريم، وتذوق حلاوة قيام الليل من الآن بقيام ركعتين كل ليلة بعد صلاة العشاء، وتذوّق حلاوة التهجد والمناجاة في وقت السحَر بصلاة ركعتين قبل الفجر مرة واحدة في الأسبوع على الأقل.

وأيضا تذوق حلاوة الذكر، وارتع في “رياض الجنة ” على الأرض، ولا تنسي المأثورات صباحا ومساء، وأذكار اليوم والليلة، وذكر الله تعالي على كل حال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى