
وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي جعل الجنة لمن أطاعه، وإن كان عبدا حبشيا، والنار لمن عصاه، وإن كان حرا قرشيا، إختار من خلقه للجنة سكانا وإصطفاهم، ومن بين جميع الخلائق وهم في أصلاب آبائهم هيأهم لها وإجتباهم، ولا يظلم ربك أحدا شيئا، ولقد خلق الله تعالي جنة عدن بيده، لبنة ذهب ولبنة فضة ملاطها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران، فقال لها انطقي، فقالت ” قد أفلح المؤمنين ” هل تعلم يا أخي الكريم ماذا في هذه الجنة من النعيم المقيم؟ مهما جال في خاطرك، أو تردد في ذهنك، فاعلم أن في الجنة ما هو أعلى منه وأتم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم ” قال الله تعالي أعددت لعبادي الصالحين، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وأن الجنة من يدخلها ينعم ولا يبأس.
ويخلد ولا يموت، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه، روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “ينادي منادي إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا، ولعل في ذهنك ما سعة الجنة؟ وهل هي جنة واحدة، أم جنان كثيرة؟ يجيبك على السؤال الأول قوله سبحانه وتعالي ” سابقوا إلي مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ” فهل هي جنة واحدة، أم جنات كثيرة؟ فيجيبك عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي البخاري عن أنس بن مالك أن أم حارثة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد هلك حارثة يوم بدر، أصابه سهم فقتله، فقالت يا رسول الله، قد علمت موقع حارثة من قلبي، فإن كان في الجنة لم أبكي عليه.
وإلا سوف ترى ما أصنع فقال لها “هبلت؟ أجنة واحدة؟ إنها جنان كثيرة، وإنه لفي جنة الفردوس” أما ريح الجنة فيوجد من مسيرة مائة عام، وإن للمؤمن في الجنة خيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة، طولها ستون ميلا، للمؤمن فيها أهلون، يطوف عليهم المؤمن، فلا يرى بعضهم بعضا، وكما أن فيها شجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام ما يقطعها، وترابها المسك وفيها ما تشتهيه الأنفس و تلذ الأعين، واعلموا يرحمكم الله أن هناك الكثيرات ممن ابتليت بصندوق لعين اسمه التلفاز المدمر لكل عفيفة والمحطم لكل شريفة، فإتخذه الكفار وسيلة، أدخلت الفسق والرذيلة، فاردت المسكينة قتيلة، وإذا سألتهن عن ذلك يكون الرد لست أرى فيه إلا الدروس والمحاضرات وما أستعين به في ديني” وكلهن يبدأن كذلك ثم لا تلبث أن تلعب أصابعها بآلة التحكم فقط لتبحث عن درس في قناة أخرى.
ثم ها هي مرة قد استوقفتها لقطة من مسلسل إجتماعي، ثم إذا بالرجال يختلطون بالنساء فيه، ثم مرت الأيام وهي تتابع حلقاته، ثم تهاون بالواجبات، فمتابعة للأفلام وتقليب للقنوات، وأخيرا وقوع في المحرمات والعياذ بالله، فقد نسيتي ما لا يخلو منه تلفاز واحد ألا وهو الموسيقى وما فعلته بالشباب والفتيات، من نشر الذل والهوان وأزال الغيرة من قلوب الرجال، بل وأوسع دائرة الدياثة والعياذ بالله، أما استطعنا تركه لما يغلب عليه من الفتن والمفاسد، فأي خير لنا فيه ألم نؤمر بغض البصر؟ وكل من فيه رجال ونادرا نساء ولكن في إختلاط وتبرج وسفور ممن يخشى فتنتهن، فإن هناك إذاعة القرآن الكريم وقنوات للقرآن العظيم تغنيكن عن كل ذلك وتكفيكن بإذن الله تعالي، وعسى ربنا أن يتوب علينا من التلفاز وفساده ونتنه عافانا الله جميعا.
واعلمي يا أختاه أن زوجك هو جنتك وحسن تبعلك له يوصلك إلى الجنة فأطيعيه فيما لا معصية فيه تلقى خيري الدنيا والآخرة، أوما سمعتي بحديث النبي صلى الله عليه وسلم “إذا صليت الفريضة وأديت حقوق زوجك وأحصنت فرجك وأطعت ربك دخلت الجنة من أي الأبواب شئت” وكما أن قرارك في بيتك أعظم عبادة تتقربين بها إلى الله عز وجل.