مقال

كل شيء رخيصا في سبيل الإيمان

جريدة الأضواء المصرية

كل شيء رخيصا في سبيل الإيمان
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي فرض على عباده الحج إلى بيته الحرام ورتب على ذلك جزيل الأجر ووافرَ الإنعام أحمده سبحانه على الرخاء والنعماء وأشكره في السراء والضراء وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شرع الشرائع وأحكم الأحكام، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من صلى وصام ووقف بالمشاعر وطاف بالبيت، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه الطيبين الكرام، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أشرقت برسالته الأرض بعد ظلماتها وتألفت به القلوب بعد شتاتها وسارت دعوته سير الشمس في الأقطار وبلغ دينه ما بلغ الليل والنهار، وإستجابت لدعوته القلوب طوعا وإذعانا، وإمتلأت بعد كفرها أمنا وإيمانا، فجزاه الله عن أمته أفضل الجزاء وصلى عليه صلاة تملأ أقطار الأرض والسماء وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد لقد بذل المؤمنون كل شيء رخيصا.

في سبيل الإيمان الذي أعتنقوه، ففي موقعة بدر الكبري مثلا ألتقى الآباء بالأبناء والأخوة بالأخوة والأهل بالأهل خالفت بينهم المبادئ ففصلت بينهم السيوف، فكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع المسلمين وأبنه عبد الرحمن بن أبي بكر مع المشركين، وكان عتبة بن ربيعة مع المشركين وأبنه حذيفة مع المسلمين، ولما أستشار الرسول صلي الله عليه وسلم عمر بن الخطاب في أسرى بدر فقال أرى أن تمكنني من فلان قريب عمر رضي الله عنه فاضرب عنقه وتمكن، وتمكن الإمام علي رضي الله عنه من أخيه عقيل فضرب عنقه وتمكن الحمزة من فلان فضرب عنقه حتى يعلم الله تعالي أنه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين، وفي غزوة بن المصطلق حاول رأس النفاق عبد الله بن ابي إثارة الفتنه وعندما رأى النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم.

أن النار سوف تشب بين المهاجرين والأنصار أمر بالرحيل فورا حتى وصل الجيش إلى مشارف المدينة فطلب عبد الله بن عبد الله بن ابي من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يامره بقتل أبيه ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم عفا عنه قائلا ” بل نفترق به ونحسن صحبته ما بقى معنا” وقبيل الفتح ذهب ابى سفيان إلى أبنته ام حبيبة أم المؤمنين فطوت فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم من تحته لانه نجس مشرك” وإن ضابط الشهادة هو النية فقد يكون في الظاهر مجاهدا في سبيل الله تعالي ومصيره جهنم والعياذ بالله وكذلك من يموت بسبب معصية كمن دخل دارا ليسرق فإنهدم عليه الجدار فمات بالهدم فلا يقال له شهيد، وكذلك الميتة بحمل من الزنا، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن رجل ركب البحر للتجارة فغرق فهل مات شهيدا؟

أجاب نعم مات شهيدا إذا لم يكن عاصيا بركوبه، وقال في موضع آخر ومن أراد سلوك طريق يستوي فيها إحتمال السلامة والهلاك وجب عليه الكف عن سلوكها، فإن لم يكف فيكون أعان على نفسه فلا يكون شهيدا، فمدار الأمر على النية، فقد يكون في الظاهر في سبيل الله عز وجل وفي الباطن غرضه الدنيا أو منصب أو جاه أو غير ذلك، وإن ثمرات الشهادة وكرامات الشهداء كثيرة في الدنيا والآخرة، منها الحياة بعد الإستشهاد مباشرة، وهذه هي صفة الحياة الأولى فهم أحياء أولا بهذا الإعتبار الواقعي في دنيا الناس، ثم هم أحياء عند ربهم بإعتبار آخر لا ندري عن كنهه وحسبنا إخبار الله تعالى به “أحياء ولكن لا تشعرون” لأن كنه هذه الحياة فوق إدراكنا البشرى القاصر المحدود.

لكنهم أحياء ومن ثم لا يغسلون كما يغسل الموتى ويكفنون في ثيابهم التي إستشهدوا فيها فالغسل تطهير للجسد الميت وهم أطهار بما فيهم من حياة وثيابهم في الأرض ثيابهم في القبر لأنهم بعد أحياء.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى