دين ودنيا

الدكروري يكتب عن مسألة إلقاء السلام على المصلي

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الأربعاء الموافق 3 يناير

 

الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد إن السلام تحية المسلمين بعضهم لبعض عموما، إلا فيما استثناه الدليل، وحكم السلام أنه سنة وقربة لمن دخل على قوم في المسجد، أو فى أى مكان يسلم عليهم، فليس فى نصوص الشريعة ما يمنع منه بالنسبة لمن دخل المسجد، فيشرع لمن دخل المسجد أن يبدأ من فيه بالسلام، بما لا يزعج المصلين أو يشغلهم، وقد ثبت ذلك فى حديث المسيء فى صلاته فقد سلم على النبي صلى الله عليه وسلم فى المسجد بعد أن صلى ركعتين فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم.

 

ويجب رد السلام على من ألقى عليه السلام، والرد يكون مثل التحية، أعنى فى ألفاظها مثل التحية، وهم يردون عليه مثل ما قال أو يزيدونه، فالرد واجب مثل التحية، والزيادة مستحبة، فإذا زادوه بعد ذلك كيف حالك؟ بارك الله فيك، كيف أولادك؟ كل هذا طيب، هذا من الزيادة الطيبة، وهذا إذا كان قد مر على قوم بالمسجد قبل أن يصل إلى المكان الذي سيصلى فيه، أما إذا كان الناس فى مكان فى المسجد ودخله ولم يمر بهم عند دخوله فإنه يبدأ بتحية المسجد ثم الذهاب إليهم والسلام عليهم، ففى الحديث عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام.

 

وقال ارجع فصل فإنك لم تصل” فهذا الحديث يدل على أنه يبدأ بتحية المسجد قبل الصلاة لمن لم يمر بالناس قبل المكان الذى سيصلى فيه، واستدل به بعض أهل العلم على البدء بتحية المسجد مطلقا، وإن الأمر في أول الإسلام كان على إباحة الكلام ورد السلام في الصلاة، ثم نُسخ هذا الحكم، ومنع الكلام، ومنع أيضا رد السلام لأنه من الكلام، وأما نفس التسليم على المصلي، فقد اختلف فيه أهل العلم، على التفصيل المذكور في الجواب المطول، وتركه أحسن، لئلا يشغل المصلي عن صلاته، أو يغلطه فيرد عليه لفظا، وهو غير جائز له وإنما يشير بيده أو رأسه، أو يرد لفظا بعد الصلاة، وكلاهما ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن هناك فرق بين مسألة رد المصلي على من ألقى عليه السلام نطقا.

 

ومسألة إلقاء السلام على المصلي، أما المسألة الأولى وهي رد المصلي على من ألقى عليه السلام نطقا فهذا محظور بعد أن كان جائزا أول الأمر فإنه كان جائزا للمصلي أن يرد السلام نطقا، ثم نُسخ هذا الحكم، فتبين من سياق الحديث أنه كان جائزا للمصلي أن يرد السلام نطقا في الصلاة، ثم نهى الله بعد ذلك عن الكلام في الصلاة، فأصبح محظورا ممنوعا بعد أن كان مباحا، وقال ابن بطال في شرح صحيح البخاري “أجمع العلماء أن المصلي لا يرد السلام متكلما” وقد نص أهل العلم على أن حديث ابن مسعود دليل على أن المنع من الكلام الأجنبي في الصلاة، ومن ذلك رد السلام، وأنه ناسخ لما كان عليه الأمر قبل ذلك من الإباحة، وقال ابن العربي في “المسالك في شرح موطأ مالك”

 

وحديث ابن مسعود إن الله يحدث من أمره ما يشاء، وإن مما أحدث ألا يُتكلم في الصلاة فلا يجوز الكلام في الصلاة لأنه أمر نُسخ، والمنسوخ لا يجوز العمل به” والحاصل أن الأمر في أول الإسلام كان على إباحة الكلام ورد السلام في الصلاة، ثم نُسخ هذا الحكم، ومنع الكلام، ومنع أيضا رد السلام، لأنه من الكلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى