
من بركان فكره النيّر نثر الفجر في ليل حالك، وجعل منه نصراً وصباحاً مشرقاً وبحراً جعل من مياهه سحابات وربابا تتهاطل شعراً،ومن القفرة اخضراراً.
اعتلى صهوة الحروف وحلّق عالياً وأخاط بإبرة الإبداع كلّ جرح.
هو العبقريّ الذي ينبع من إبداعه وحيُّ الأماني وتحقيق الأحلام ويمنح فيضاً من الدفء وأزاهيراً من صفاء ذهنه.
من منابع الجمال والذّوق الرّفيع أتقن التخطيط بالحروف ورسم الرّوح النقيّة بالكلمات .
إنّه الشاعر العربيّ السوريّ صالح عزام ابن السّويداء
الذي فاض الكون عطراً من بديع عطائه فيكون أثير العطر ويضوع من عذوبة حرفه وسحر التعبير المشبع بالجمال والإحساس.
كتب الشّاعر في خشوع عن الشّهداء إنهم الخالدون لايفنون وهم نبع العطاء والصّفاء وكلّ الفخر والفخار وهم العزّة والكرامة ومسرى النّجوم التي سكنوها لتدوم توهجا دون
انطفاء، حتى تنار الأرض بالحريّة…
ويخاطب شاعرنا صالح عزام دول العالم العربيّ بوطنيّته الصّادقة لدعم غزّة المقاومة وتحرير أراضينا في فلسطين المغتصبّة وفي كلّ بقعة من أرضنا العربيّة.
يقول لهم الليل ملّ من خنوعكم، والتاريخ امتلأ من الذلّ والرّكام الذي أنتم من تسبّب به وجعله ركاما وعارا وشنارا تتراكم ظلماته وتجثم على صدر الأرض .
فكفاكم نوماً وكفاكم ذلاً تشربونه فقد انتفض الطّوفان في أقصانا ليمتشق الرّضا المعبأ بالجروح ويكون الشّعاع البارق بالنّصر صبحاً يحمّلّ الأنوار
في كلّ أنحاء الوطن العربيّ ويرسل السّلام والدّماء إلى الأقصى المبارك حتى يبلغ النّصر مداه.
يُفسّر الشّاعر ظاهرة الحرب أنّ الحياة تلاعبت بنا فبدّلت أقدارنا وكانت عوناً للحياة والأقدار أيادي الفاسدين وعقول الجهلاء مما زاد من لهيب النار وبراكين الفتّنة وزلازل الجوع والفقر.
لكنّ صوته القدسيّ وصل الأرض بالسماء حين قال:
والله في العلياء يحفظ شامه
لو أطلقوها مدافع الأحقاد
والله يأمر نارهم في غيبه
كوني لها بردا على الأكباد
فشاعرنا مؤمن أنّه سيشرق صباح مزركش بالنّصر
والعزّ بعد ظلمة حالكة…
نعم أوافق شاعرنا الرأي أنّ تعاقب الليل والنّهار موجودان وبعد كلّ ليل نهار.
الشّاعر صالح عزام له ميول وطنيّة تقابلها ميول عاطفية وشلالات حبّ فقد تغزّل بمن أحبّها وكتب في غزله:
جددي الأيام عاماً بعد عام
وانشري الحبّ وعيشي في سلام
ضمخي الورد بخدّيك وضمّي
كلّ أزهار الرّياض والخزام …
إنّ روحه ذابت في الحبّ كثلج أغدق الله عليه غيثه ونصاعة ألقه وأمّا عن القلب فقد وصفه كجمر اللهب وأن وجه الحبيّبة دائم الحضور بين عينيه وفي نبض حروفه ويشبهه كبدر في السّماء يُنير مشاعره ويُضيء مساءه فيبقى ساهراً على ذكراها يرشف كؤوس نبيذه حتى الثّمالة فيشكو همومه للنّجوم التي اشفقت على حاله من قيود الغياب الذي كبّله وقيّده بطيف لايُفارق خياله فكتب:
أنت الجمال يبزّ روح خميلة
مرّ النسيم بجرحها الأسيان
فاح يطير بروحها انفاسُهُ
تُهدي السّلام لوجعة الأكوان …
مما يدعه يُفتّش عن المحبوبة بين جدران ديارها بخافق تسارعَ نبضُه حتى كاد يُبرعم ويُزهر على غصن ينتظر ثماره وينادي بشوق هل من صبح تطفيء حروفه نار الحبّ ويهطل غيث اللقاء بعد أن أصفرّت أوراق الخريف وبدت شاحبّة من العذاب :
بروح الشّوق والجمر
رعيناها رويناها
بسحر من مدامعنا
نسجناها …
إن شاعرنا يسبح في بحر الأمنيات جيداً حتى يصل إلى شاطيء من نور فيه الجرح يتوقف عن النزف والخمر يعصر كل اللغات بوفاء حتى العبادة:
يرتاد أحلام النجوم
ويعصر الخمر لغات…
يتساءل شاعرنا كيف أصبحت الحياة بالحبّ بكل هذا الجمال الذي أعاد تكوينه بكلّ فرح فهو الكفّ الدافئة التي تصنع الجمال إلى حدود اللانهاية.
يعترف بكلّ جرأة أن احتضان محبوبته له كانت بداية ولادته الجديدة بإتقان إنّه سحر الاحتضان.
لم ينس الشّاعر حبّات زيتون الأرض وعهد التّين وضغط الحياة وغدر الزمان وقصف الورد التي تسببت بموتها لكن الذوبان في الحرارة أعطى روحه قطرات العطر.
يوجّه الشّاعر القدير سؤالا للبشريّة ويقول فيه:
لماذا قسوتكم على الطبيعة هل من أجل إشباع نفوسكم الشّرهة؟
بإحساس مُرهف يؤمن الشّاعر صالح عزام أنّ بعد الصعاب والنوائب دفء وحنان خاليان من العذاب
ومن الحجارة التي تُعصر الأرواح.
يقول شاعرنا لكل من قسا على الورد لماذا قسوتم عليه وهو من منحكم العطر.
معادلة لايشعر فيها إلا من امتلأت روحه بالجمال وضميره بالمسؤوليّة.
غرس ابن السّويداء من خلال حروفه بذور الحبّ
وروّض الجنان:
أنا السّويدا ونبض الشام خفقتنا
الشامخان..بنا الأمجاد تكتحل…
فتبرعمت رواية الحبّ وازهرت في معانيّه الأحلام.
من ندى الصّباح وألوان الزّهر وبساط الأرض الأخضر
ومن أوردة الماء سحر الدّهشة ومن جمال الابتسامة ولدت الملائكة.
من قلمه غزل من إشراقة الصّباح وأريج القبلة رذاذ الضوء.
يقتات من ألم الجرح والبكاء زفرات تتبختر في فضاء الحبّ.
يعزف بموسيقاه من الوعي المنبلج على مدار الأيام وعقارب الزمان.
يتنفس الطّرب الوضّاء على شرفات جفني المحبوبة
ويروي الحكايات في مدارات انفاسها.
كتب بلغة الصّباح النقيّ فانسابت الكلمات على صفحات الأمل تنشر الأمان والنّور والجمال.
غذاها من الشّرايين والأوردة فانطفأ الظمأ ببريق
الوجد وروح الأنوثة:
ماذا لوحين تهادى عصفت فيه الرياح!!!!
ماذا بربك فعلت لتوقظ ذاك السكون ….
روّى الحقول من تبادل القُبَل وشهد الإنسانيّة فانساب مع الأنوار وتسامى من قطرات الغيث …
إنّه ابن السويداء الشّاعر صالح عزام.
قراءتي الأدبيّة في بعض قصائد الشّاعر صالح عزام .
في 13/12/2023