مقال

الدكروري يكتب عن خطورة الفتوي بغير دليل ” جزء 4″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن خطورة الفتوي بغير دليل ” جزء 4″

بقلم / محمــــد الدكـــروري

 

فإن الله سبحانه وتعالى عاقب اليهود بتحريم ما أحلّ لهم، هذه حالة ليست في ديننا، حالة استثنائية، فقال تعالى كما جاء فى سورة الأنعام ” وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذى ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحوهمهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون” وقيل أن فى بلاد الغرب حينما يأكل بعض هؤلاء عند المسلمين، فإنهم يرون اللحم أزهر اللون، طيب الطعم، لأنهم يقطعون رأس الدابة بآلات حادة سريعة، والدماء تبقى فى الدابة، والأمراض كلها في الدماء، والدم كما تعلمون مجمع فيه كل الأمراض، والآن صدر تشريع بأنه لا يجوز قطع رأس الذبيحة، ويجب أن يخرج دمها عن طريق القلب، وعن طريق الأمر الاستثنائي الذي يأتى عن طريق الدماء، ويجب أن نعلم علم اليقين أن النبي نهانا أن نذبح الذبيحة بقطع رأسها، وقد أمرنا أن نقطع أوداجها فقط.

 

لأن القلب يتلقى أمرا كهربائيا ذاتيا بالضربات النظامية، لكنه يتلقى أمرا استثنائيا عن طريق الدماغ بالضربات الاستثنائية، فلو قطع رأس الذبيحة ظل القلب ينبض النبضات النظامية، وهذا النبض بهذه السرعة لا يكفى لإخراج دم الذبيحة، أما حين يبقى الرأس عالقا، والعصب موصولا، ويأتى أمر استثنائى للقلب، ترفع ضربات القلب إلى المائة والثمانين ضربة فيخرج الدم كله خارج الذبيحة، فإذا اللحم أزهر اللون، طيب الطعم، وأما عن ما أدى إلى حرام فهو حرام، إذن النقطة الدقيقة الآن الانتفاع بالشيء ليس أحد فروع العلم به، وأنت لمجرد أن تطبق تقطف الثمار، فعن معاذ بن جبل رضى الله عنه يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” اتقوا الملاعن الثلاث البراز في الموارد والظل وقارعة الطريق” رواه ابن ماجه، وإن هناك أشياء مستقذرة، مثل إنسان يفرغ يتغوط في مكان ظل يجلس الناس فيه، أو على قارعة الطريق، أو في موارد الماء.

 

ولا يعلم أن البول مجمع الأمراض، ومجمع الجراثيم، فإذا طرح في ماء، أو فى طريق، أو فى مكان يجلس الناس عليه، يسبب انتشار الأوبئة والعدوى، والنقطة التى نريد أن نوضحها أيضا فى الحلال والحرام هو ما أدى إلى الحرام فهو حرام، لذلك الذى يعد سببا فى الحرام محرم لا لذاته ولكن سدا لذريعة الحرام، حتى إن زراعة العنب في بلاد تكثر فيها صناعة الخمور تعد في الفقه حراما، لأن هذا العنب مصيره إلى معامل الخمور، وهو ما أدى إلى حرام فهو حرام، فإن الله حرم الزنا فإذن كل مقدماته حرام، من التبرج، والخلوة، والاختلاط، والصور، والأدب المكشوف، والغناء الفاحش، فهذا كله يؤدى إلى الحرام، إذن فهو حرام، والنظر حرام يؤدى إلى ما هو أكبر منه، نظرة فابتسامة فموعد فلقاء، وأيضا فإن الخمر محرمة أن يعصرها الإنسان، وأن يحملها، وأن يأكل ثمنها، وأن يبيعها، وأن يعلن عنها، وكله محرم، وكذلك الربا لعن الله آكله، وموكله.

 

إذن ما أدى إلى حرام فهو حرام سدا للذريعة، كل ما أعان على الحرام فهو حرام، وإذا روج الإنسان أو أعلن عن بضاعة محرمة فهو روج لها، وقال تعالى فى سورة المائدة ” وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان” ما كان سببا كافيا، أو ما كان سببا غير كاف، أو ما كان معينا، أو ما كان مروجا، أو ما كان موضحا، فكل ما أعان على الحرام فهو حرام، وهى قاعدة أساسية، وأيضا فإن النية الحسنة لا تبرر الحرام، فإن هناك أشخاص كثيرون يقولون، النية الطيبة، لا تكفى، والنية الطيبة شيء عظيم في الإسلام، فعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إِنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى” رواه البخارى، ولا تنسوا أن المباحات والعادات بالنوايا الطيبة تغدو عبادات، فإذا الإنسان أكل الطعام وهل فى الأرض كلها إنسان لا يأكل؟ فالمؤمن إذا أكل الطعام بنية التقوى على طاعة الله فهو عبادة.

 

وإذا ارتدى ثيابا بنية أن يظهر كمسلم بمظهر لائق فهو عبادة، فالمسلم له معاملة خاصة، نواياه الطيبة، ومعرفته بالله عز وجل، تجعل كل أعماله المباحة والمألوفة عبادات، هذه هي ناحية قيمة النية في العمل، لذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول فى الحديث الذى رواه مسلم، عن أبى ذر الغفارى رضى الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم” وفى بضع أحدكم صدقة, قالوا يأتى أحدنا شهوته ويكون فيها له أجر؟ قال أفرأيتم لو وضعه في حرام, هل عليه وزر؟ قالوا نعم، قال فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر” وفي حديث آخر عن أبى هريرة رضى الله عنه قال صلى الله عليه وسلم “من طلب الدنيا حلالا استعفافا عن المسألة وسعيا على أهله وتعطفا على جاره لقى الله ووجهه كالقمر ليلة البدر” إذن النوايا الطيبة تجعل العادات، والمباحات، والأعمال المألوفة التى يفعلها كل الناس في العالم عبادات، أرأيتم إلى أثر النية الطيبة في العمل؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى